مرافيء /
السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر
===========
((( مع المعلقات الشعرية ٠٠ !! )))
و أنموذج تطبيقيا معلقة الحارث بن حلّزة اليشكري والتي أنشدها في حضرة الملك عمرو بن هند ملك الحيرة من خلف سبعة ستور وكانت تستمع له هند :
آذنَتْنـــــــا بِبينهَــــــا أسْــــــماءُ
ربَّ ثــــاوٍ يُمَـــلّ منـــــه الثّــواءُ
آذنتنــــا ببينهـــــــا ثُـــمَّ وَلّـــتْ
ليـتَ شِـعري متـى يكونُ اللقـاءُ
بعــد عَهْــدٍ لنــا ببرقـــةِ شـــماءَ
فأدنـــى ديارِهَـــــا الخَلْصَـــــاءُ
لا أرى مَـن عهـدتُ فيهـا فابكي
اليــومَ دلهــاً ومـا يجيــرُ البُكــاءُ
وبعينيـــك أوقــدتْ هنــدٌ النــارَ
أخيــــراً تلـــوي بهَـــــا العَلْيـــاءُ
فنتنـــوّرتُ نارَهــــــا مــن بَعيــدٍ
بخـزارى هيهــاتَ منـك الصــلاءُ ٠٠
———
من حسن حظنا فقد تعرفنا على المعلقات السبع أو العشر منذ مراحل تعليمنا الأولى حيث كان معلم اللغة العربية عاشق لإنشاد الشعر و عنده حضور ولا سيما للشعر الجاهلي ٠
ثم درسها لنا الشاعر عميد دار العلوم د٠ علي الجندي وهو حكاية ومسجل الأدب الجاهلي ٠٠
و أيضا عندما كتبت كتابي سقوط مملكة الشعر عن الشعراء الذين رحلوا في شهر الشباب ومنهم طرفة بن العبد تعرضت للمعلقات باستفاضة ٠٠
ومن ثم كانت ذائقة هذا الفن ظلت تنمو معنا هكذا ٠٠
نعود إلى الطواف حول هذه المعلقات الفريدة من بطون أمهات الكتب ٠٠
وقد اشتريت منذ باكورة الثانوية العامة كتاب المعلقات للزوزني توفى عام ٤٨٦ هجرية٠
وهى بها القصائد و ترجمة للشاعر ونبذة عن مناسبة القصيدة وشرح الكلمات في سرد مشوق ٠٠٠
* تعريف المعلقات الشعرية:
المعلقات هي من أشهر ما كتب العرب في الشعر وسميت معلقات. وقد قيل لها معلقات لأنها مثل العقود النفيسة تعلق بالأذهان. ويقال أن هذه القصائد كانت تكتب بماء الذهب وتعلق على استار الكعبة قبل مجيء الإسلام، وتعتبر هذه القصائد أروع وأنفس ما قيل في الشعر العربي القديم لذلك اهتم الناس بها ودونوها وكتبوا شروحا لها, وهي عادة ما تبدأ بذكر الأطلال وتذكر ديار محبوبة الشاعر وتكون هذه المعلقات من محبته له شهاره الخاص.
وقيل إن حماد الراوية هو أول من جمع القصائد السبع الطوال وسماها بالمعلقات (السموط).
وكان يقول أنها من أعذب ماقالت العرب وأن العرب كانو يسمونها بالسموط(المعلقات).
قصائد جاهلية بلغ عددها السبع أو العشر ـ على قول ـ برزت فيها خصائص الشعر الجاهلي بوضوح، حتّى عدّت أفضل ما بلغنا عن الجاهليّين من آثار أدبية.
والناظر إلى المعنيين اللغوي والاصطلاحي يجد العلاقة واضحة بينهما، فهي قصائد نفيسة ذات قيمة كبيرة، بلغت الذّروة في اللغة، وفي الخيال والفكر، وفي الموسيقى وفي نضج التجربة، وأصالة التعبير، ولم يصل الشعر العربي إلى ما وصل إليه في عصر المعلّقات من غزل امرؤ القيس، وحماس المهلهل، وفخر ابن كلثوم، إلاّ بعد أن مرّ بأدوار ومراحل إعداد وتكوين طويلة.
المعلقات السبع
سبع معلقات تضاف إليها ثلاث لتصبح عشر معلقات والسبع هي:
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ (امرؤ القيس).
لخولة أطلال ببرقة ثهمد (طرفة بن العبد).
آذَنَتنَـا بِبَينهـا أَسـمَــاءُ (الحارث بن حلزة).
أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَـةٌ لَمْ تَكَلَّـمِ (زهير بن ابي سلمى).
أَلاَ هُبِّي بِصَحْنِكِ فَاصْبَحِيْنَـا (عمرو بن كلثوم).
هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَـرَدَّمِ (عنترة بن شداد).
عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَا (لبيد بن ربيعة).
المعلقات العشر
ويضاف أيضاً إلى تلك القصائد ثلاثة أخرى، لتسمى جميعها المعلقات العشرة وهي:
ودع هريرة إن الركب مرتحل (الأعشى).
أقفر منا أهله ملحوب (عبيد بن الأبرص).
يا دارمية بالعلياء والسند (النابغة الذبياني).
* أنموذج تطبيقيا :
———————–
معلقة الحارث بن حلّزة اليشكري التي انشدها من خلف سبعة ستور في حضرة الملك عمرو بن هند ملك الحيرة وكانت هند تستمع له ٠
و من ثم نرجع إلى ديوان العرب مع العصر الجاهلي مرآة حياة العرب قبل الإسلام حيث يؤرخ ويروي أيامهم لنا كما جاء في كتاب الاغاني لأبي فرج الأصفهاني عن قصص العرب هكذا ٠٠
ومن ثم نتوقف مع شاعر فحل معمر من شعراء المعلقات الشعرية ٠
وخبر الحارث في بلاط عمرو بن هند هو أبرز مواقف حياته وفيه ورد أفضل ما قاله من الشعر وهو المعلّقة.
وفي خلال ذلك لم يردنا الكثير عن حياة هذا الشاعر، ولاسيما أيامه الأخيرة ووفاته.
لكنّ نفراً من الأدباء في المراجع القديمة اتفق على أن الحارث كان بين المعمّرين من الشعراء، وعنهم أخذ الأب شيخو فذكر أن الشاعر اليشكري مات سنة 580م وكان عمره مئة وخمسين سنة، فتكون ولادته بحسب هذه الرواية في حدود 430م. وأبرز ما قيل في شخصية الحارث متصل بهذا الحدث المشهور في سيرته وشعره.
ومعلقة الحارث بن حلزة من بني بكر ، تتعلق بالدفاع عن قضية قبيلته أمام عمرو بن هند ضد تغلب.
و كان الحارث نبيلاً ومحارباً مثل كل شعراء المعلقات، كما عمر طويلاً ويقال إنه نظم معلقته في سن المئة.
إذا ما صدقت هذه الرواية، يكون أقدم شعراء المعلقات مولداً ٠
قال إن الحارث أعد معلقته لهذه المناسبة لكنه شعر بالخجل لإلقائها بسبب إصابته بالجذام.
طلب الملك منه إلقاءها من وراء سبع ستائر، وبعد ذلك طلب غسل موطيء قدميه بالماء، لكنه في الأخير اقتنع وألقى الحارث قصيدته من خلف ستارة.
كانت هند تسمع وقالت ” تالله لم أر مثل هذا اليوم الذي يتكلم فيه رجل من خلف سبع ستائر. أمر الملك برفع الستارة الثالثة والثانية ثم رفعها كلها حتى يقف الشاعر أمام الملك ، وطلب منه تناول الطعام من طبقه، وعندما خرج أمر بعدم غسل موطيء قدميه. وهكذا حقق الحارث مأربه بإصدار ابن هند مرسوماً لصالح قبيلته.
هو الحارث بن حلّزة بن مكروه بن يزيد بن عبد الله بن مالك بن عيد نحو (… – 54 ق. هـ = … – 570 م) ، ينتهي نسبه، كما ذكر التبريزي، إلى يشكر بن بكر بن وائل بن نزار.
و هو شاعر جاهلي من أصل بادية العراق، كان أبرص فخوراً، ارتجل معلقته بين يدي عمرو بن هند الملك بالحيرة. جمع بها كثيراً من أخبار العرب ووقائعهم حتى صار مضرب المثل في الافتخار، فقيل:
أفخر من الحارث بن حلزة. اختلف الرواة اختلافاً بيّناً، حول عصره وولادته، وسنّه يوم إنشاد معلّقته ٠
ذكر التبريزي أنه ألقى قصيدته هذه وهو في العقد الرابع بعد المئة، وذهب المستشرق “دوبرسفال” إلى أنه عمّر بعد تلك المناسبة ما يزيد على خمسة عشر عاماً، ومات ابن مئة وخمسين سنة.
مع مناسبة هذه القصيدة ٠٠٠
حبث كان الباعث الأساسي لإنشاد المعلقة دفاع الشاعر عن قومه وتفنيد أقوال خصمه عمرو بن كلثوم.
تقع المعلقة في خمس وثمانين بيتاً، نظمت بين عامي 554 و 569 م. شرحها الزوزني وطبعت في إكسفورد عام 1820 م ثم في بونا سنة 1827 م.
ترجمت إلى اللاتينية والفرنسية.
مع بعض أبيات المعلقة حيث يقول فيها الحارث بن حلّزة اليشكري :
آذنَتْنـــــــا بِبينهَــــــا أسْــــــماءُ
ربَّ ثــــاوٍ يُمَـــلّ منـــــه الثّــواءُ
آذنتنــــا ببينهـــــــا ثُـــمَّ وَلّـــتْ
ليـتَ شِـعري متـى يكونُ اللقـاءُ
بعــد عَهْــدٍ لنــا ببرقـــةِ شـــماءَ
فأدنـــى ديارِهَـــــا الخَلْصَـــــاءُ
لا أرى مَـن عهـدتُ فيهـا فابكي
اليــومَ دلهــاً ومـا يجيــرُ البُكــاءُ
وبعينيـــك أوقــدتْ هنــدٌ النــارَ
أخيــــراً تلـــوي بهَـــــا العَلْيـــاءُ
فنتنـــوّرتُ نارَهــــــا مــن بَعيــدٍ
بخـزارى هيهــاتَ منـك الصــلاءُ
أوقدتها بين العقيـق فشـخصين
بعـــودٍ كمــا يلــــوحُ الضيـــــاءُ
غيرَ أني قـد أســتعينُ على الهمِّ
إذا خــــفّ بالثــــويِّ النجــــــاءُ
وأتانـا مِــن الحــوادثِ والأنبـــاءِ
خطـــــبٌ نعنــى بـه وَنُســــــاءُ
إنْ إخوانَنـــــا الأراقـــمَ يغلـــونَ
علينــــا فـي قيلهِــــم إحْفــــاءُ
يُخلطونَ البـريءَ منّا بِـذي الذنبِ
ولا ينْفَـــــعُ الخلـــــيِّ الخــــلاءُ
زعَموا أنّ كلهَ مَن ضربَ العَيْرَ
موالٍ لنَا وأنّا الوَلاءُ
أجمَعــوا أمْرَهُـمْ عشـــاءً فلمـــا
أصبحـوا أصبحـت لَهُـمْ ضوضـاءُ
مِـن منــادٍ ومِـن مجيـبٍ ومـــِنْ
تصهــالِ خيـــلٍ خِـلالَ ذاكَ رُغـاءُ
أيهـــا الناطـقُ المرقــــــشُ عَنّــا
عِنْدَ عمِـــرٍ وهــلْ لِذاكَ بَقــــــاءُ
لا تَخَلْنــــا علــى غِراتِـــــكَ إنّــــا
قبـلُ ما قَـدْ وشــى بِنــا الأعـداءُ
فبقينـــا علـى الشَـــناءة تنمينــا
حصـــــونٌ وعــــزةٌ قعْسَـــــــاءُ
إنْ نَبَشْـتُمْ ما بيـن مِلحـةَ فالصــا
قــبِ فيــهِ الأمــواتُ والأحيــاءُ
أو نَقَشــتُمْ فالنّقــــشُ يَجْشَــمَه
النــاسُ وفيـه الصــلاحُ والإبــراءُ
أَوْ سَــــكَتُّمْ عنـــا فكُنّـــا كمَـــنْ
أغمَــضَ عَيْنـاً في جَفُنِهـا أقـذاءُ
أو مَنَعْتُــــم ما تُســـألونَ فَمَــنْ
حُـدِّثْتمــوهُ لـــهُ عَلَيْنـــا العــلاءُ
أيُّهـــا الناطِــــقُ المُبَلِّــــغُ عَنّـــا
عِنـد عمـرو وهَــلْ لِـذاكَ انْتهــاءُ
إنّ عمـــراً لَدَينـــا لَديْـــهِ خِـــلالٌ
غَيْــرَ شـــكٍّ فـي كلهــِنَّ البَــلاءُ
مَنْ لَنـا عِنــدَهُ مِـن الخيــر آيــاتّ
ثَــلاثٌ فـي كلهِــــنَّ القَضــــاءُ
آيـةٌ شــارقُ الشـــقيقةِ إذ جـاؤوا
جَميعـــــاً لكــلِّ حـــــيّ لِــــوَاءُ
حـول قيــس مُسْـتَلئمين بكبْـشٍ
قَرَظِـــــيٍّ كأنّـــــــهُ عَبْــــــــلاءُ
وَصَيِّـتٍ مــن العواتـكِ لا تنهــاهُ
إلّا مُبيضــــــــــــةً رَعْـــــــــــلاءُ
————–
– المعلقات العشر للزوزني ٠
– ديوان الحارث بن حلزة اليشكري ٠
– كتاب الأغاني لابي فرج الأصفهاني ٠