حين تزهر الجراح من رماد الألم
بقلم/نشأت البسيوني
ليست كل النهايات موتا فبعضها بداية جديدة يولد من قلب الرماد حين يقرر الجرح أن يزهر بدل أن ينزف
في كل قلب قصة لم تكتب للنهاية بعد
قصة كانت تروى بدموع صامتة وتحفظ في الذاكرة كوشم لا يزول
قد ظنوا أن كسرك سينهيك وأن الألم سيطفئك
لكنهم لم يدركوا أن بعض الجراح تنبت حياة
وأنك حين سقطت لم تكن تسقط بل كنت تزرع من جديد
حين تزهر الجراح من رماد الألم
يتحول الحزن إلى جذور عميقة
تغذي شجرة الصبر في صدرك
فتنمو رغم الوجع وتثمر رغم القحط
تتعلم أن الله لا يترك يدك ولو ظننت أنك وحدك
وأن في كل دمعة نزلت نبتت في داخلك حكمة
تبدأ الحكاية دائما بانكسار حاد
بلحظة لا تنسى وبنفس مثقل بالخذلان
حين تشعر أن العالم أدار لك ظهره
وأن الأقربين صاروا غرباء بلا وداع
لكن ما لا تعلمه وقتها
أن الله كان يعيد ترتيب فوضاك
ينزع عنك من لا يليق
ويمهد لقلوب أنقى وأيام أصفى
حين تزهر الجراح من رماد الألم
تصبح أكثر هدوءا أكثر وعيا
تتوقف عن الركض وراء من لا يفهمك
وتدرك أن السلام أغلى من الحب
وأن البقاء ليس دائما انتصارا
بل أحيانا الرحيل هو ما ينقذ ما تبقى منك
تجلس مع نفسك ذات مساء
تحدثها بصوت خافت
ها أنا لم أمت رغم كل ما حدث
لم أنكسر رغم كثرة السقوط
بل ازددت قوة وعمقا
فتبتسم روحك من بين الجراح
كمن رأى زهرة تنبت على أطلاله
فتعلم أن الوجع لم يأت ليهلكك
بل جاء ليطهرك من الضعف
ويريك وجهك الحقيقي في مرآة الصبر
حين تزهر الجراح من رماد الألم
لا تعود تخاف الخسارة
ولا تهاب الفقد
ولا ترهق نفسك في تفسير الغياب
فقد تعلمت أن من أراد البقاء لن يرحل
ومن رحل لم يكن لك منذ البداية
تتعلم أن الأقدار ليست ضدك
بل هي تدفعك نحو ما كنت تجهل أنك تستحقه
وها أنت الآن
بعد كل ما مر
تمسك بقلبك بيد من حنان لا من ضعف
تربت عليه وتقول لقد صبرت كثيرا يا أنا والآن حان وقت الزهر
فتنبت منك ابتسامة جديدة
خالصة من الزيف صادقة كالنور
ابتسامة من عرف أن كل شيء يحدث لحكمة
وأن الله لا يكسر قلبا إلا ليعيد بناءه بشكل أجمل
حين تزهر الجراح من رماد الألم
تعرف أن النهايات ما هي إلا بدايات في ثوب مختلف
وأن الموت ليس دائما فناء
بل قد يكون ميلادا آخر لنسخة أنقى منك
وتدرك أن أجمل الأشياء تولد من الرماد
القوة الوعي العزيمة والرضا
وفي النهاية
حين تنظر خلفك لا ترى وجعك كما كان
بل تراه تربة خصبة نبت منها نضجك
تدرك أن الجرح الذي آلمك بالأمس
كان هو نفسه من علمك اليوم كيف تحب نفسك أكثر
فلا تحزن على ما أوجعك
ولا تلعن الجرح الذي غيرك
فقد يكون في داخلك زهر ينتظر لحظة ميلاده
زهر لا يروى إلا بدموعك القديمة
ولا ينبت إلا حين تقرر أنت أن تنهض من رمادك
جريدة الوطن الاكبر الوطن الاكبر ::: نبض واحد من المحيط الى الخليج .. اخبارية — سياسية – اقتصادية – ثقافية – شاملة… نبض واحد من المحيط الى الخليج 