رهين الصمت
الشاعر نورالدين بنعيش
******
رهينُ الصمتِ
بمركبٍ مثقَلٍ بسيلٍ
من كلماتٍ جريحةٍ
وحروفٍ طريحةٍ
أقلعَ جنونُ خواطري
يهيم بي
في مناخِ ليلٍ
تثقلهُ الشجون
من نواميسِ السماء
أسرقُ شيئًا
أرمِّم به جدرانًا
في دواخلي
توشكُ، لا محالة،
على الانهيار
في رتابةِ وقتي أحدّق
أفتلُ ضفائرَ الموج،
وأدهنُ جلدَ بوحي
بعرق يديّ
أغربلُ تأوّهاتي
بغربالِ الانتظار
أتوخّى سبيلًا لنجاتي
علَّني أعثرُ على صدفةٍ
أندسُّ في ثناياها،
فأختفي عن نور القمر
وعن كلِّ عيون النهار
بصمتِ العتمةِ إتبرك
خوفًا عليّ من طائرٍ كاسرٍ
يحومُ حولي،
يحلقُ فوق فراخٍ جياعٍ
يرومون كسرةً
من دقيقِ التراب
مصابٌ بصَرَعِ البعد
أحمق
يدفعني جنوني لأرهن صوتي
مقابلَ السكون
في كلِّ زنزانةٍ
احتوتني في داخلها
لِتُجنِّبني الانكسار
حتى لا أنزلق:
لا إلى الماضي،
ولا إلى المستقبل
أكتفي بشدِّ خصرِ حاضري
من الوسط،
وبه أبقى أبداً
أتعلّق
بضجرٍ يسري
في شرايين قلبي
ويغلفُ رَوِيَّ قافيتي
طلَّقتُ نهاري طلاقَ الثلاث
وأبقيتُ على أنس الليل.ط
أحترقُ على مدار الصباح
وفي المساءِ أتحولُ رمادًا
طائرُ الفينيق أنا
قد أتلف العذابُ مساراتي
لكنني غرزتُ وتدي
في قلبِ دروبٍ خبرتني
أبراجي تبوحُ للكون
بنثرٍ باقٍ على وتَره،
يشهدُ أنني دومًا
في حبِّ الحياة
أعشق.