الأعمال لا تموت.. إنها أرواح تنتظر ساعة التجسّد
بقلم/ أيمن بحر
الأعمال لا تموت. هي أنفاس تُنفخ في غيبٍ لا نراه، فتسري كما يسري الدم في العروق. قد نظن أننا تركناها خلفنا، لكنها في الحقيقة تمشي أمامنا، تكبر بصمت حتى يأتي يوم تتجسّد فيه وجهاً لوجه.
صدقةٌ خرجت من يدك قد تعود إليك غصنًا أخضر يظلّل طريقك، وكلمة حقٍ قلتها قد تتحول إلى نور يضيء قبرك. وفي المقابل، ظلمٌ ارتكبته قد يلاحقك وحشًا بين جدران البرزخ، وغفلةٌ أصررت عليها قد تنقلب دخانًا يخنق صدرك. كل عمل هو بذرة، تُزرع في أرض البرزخ والأبدية، يومها لن تراها مجرد أفكار، بل ستقف أمامك كأشخاص وأماكن وألوان.
حتى الموت نفسه ليس فراغًا أو عدمًا، بل معنى ينتظر صورته. فإذا بالخلائق يشهدونه كبشًا يُنحر، فيرتفع الحجاب ويبدأ عهد الخلود. وهكذا المعاني كلها: تتخفّى في أثواب الدنيا لتُفهم، ثم تكشف عن وجوهها الحقيقية حين تعود إلى موطنها الأبدي.
الدنيا إذن ليست سوى مسرح من الرموز، نمشي فيه بين معانٍ متنكرة نظنها أشياء، لكنها في جوهرها أرواح تنتظر ساعة الانكشاف. وحين تأتي الآخرة، ينقلب المشهد: ما كنا نراه أجسادًا يصير مجرد رموز وأصداء، وما كنا نعدّه معاني محضة يتجسّد حقيقةً أمام أعيننا.
إنها رسالة بليغة لمن أراد أن يفهم: أن العمل لا يفنى، بل يتجسّد، وأن المعنى لا يغيب، بل ينتظر لحظة الكشف عن وجهه.
جريدة الوطن الاكبر الوطن الاكبر ::: نبض واحد من المحيط الى الخليج .. اخبارية — سياسية – اقتصادية – ثقافية – شاملة… نبض واحد من المحيط الى الخليج 