الذئب لا يغيّر طبعه مهما طال أسره
بقلم/ أيمن بحر
تتوارث الشعوب عبر الأزمنة أمثالًا وحِكَمًا تلخص خبراتها وتجاربها مع الحياة والبشر. ومن أبرز هذه الأمثال التى تحمل دلالات عميقة قولهم: الذئب لا يغير طبعه مهما طال أسره. وهى عبارة ليست مجرد تصوير أدبى لحيوان مفترس بل إسقاط على سلوكيات إنسانية تتكرر عبر التاريخ.
فالمثل يرمز إلى أن بعض الطبائع متجذرة فى النفوس لا يغيرها الزمن ولا القيود، تمامًا كما لا يستطيع الذئب أن يتحول إلى كائن وديع حتى لو عاش أعوامًا فى الأسر. وبالقياس هناك من يحمل فى داخله نزعة للغدر أو الطمع أو الخيانة فيظهر وجهه الحقيقى عند أول اختبار، مهما حاول التزيّن بالقناع الزائف.
ويؤكد علماء النفس أن السلوك البشرى مزيج من الفطرة والتجربة لكن بعض السمات العميقة تبقى راسخة خصوصًا تلك المرتبطة بالأنانية المفرطة أو حب السيطرة. لذلك، تحذّر الأمثال الشعبية من الانخداع بالمظاهر أو الاعتقاد بأن مجرد الوعود أو مرور الوقت قد يغير من جوهر الشخص.
فى السياسة كما فى الحياة اليومية يتجلى هذا المثل بصورة أوضح. فالتجارب أثبتت أن الدول أو الأفراد الذين اعتادوا انتهاك العهود أو ممارسة الخداع لا يتخلون بسهولة عن نهجهم، بل يعيدون إنتاجه بطرق مختلفة. وهنا تبرز قيمة الوعي واليقظة حتى لا تتكرر الأخطاء.
إن مقولة الذئب لا يغير طبعه تذكير دائم بأن الحكمة ليست فى منح الثقة العمياء بل فى قراءة التاريخ الشخصى أو الجمعى لكل من نتعامل معه. فالزمن وحده لا يصنع التغيير وإنما الإرادة الصادقة والإصلاح الحقيقى هما الفيصل فى الحكم على الأشخاص.