
ماذا بعد غزة
متابعة بلال سمير
من شاهد تقرير الجزيرة الأخير عن ترسانة الاحتلال سيدرك حجم المعجزة التي تجري تحت أعيننا.
جيش الاحتلال دخل حي الزيتون مدججًا بأحدث وسائل الحرب:
درونات استطلاعية ترسل صورًا حرارية عالية الدقة لحظة بلحظة.
كلاب إلكترونية روبوتية تدخل المباني المهدمة والأنفاق وتصور كل زاوية بكاميرات متطورة، بل ومزودة برشاشات وقنابل صغيرة.
روبوتات أرضية مدرعة تعمل بالتحكم عن بعد، قادرة على كشف المتفجرات والكمائن قبل وصول الجنود.
منظومات اتصالات وتشويش مرتبطة بغرف قيادة متصلة بالأقمار الصناعية، ترصد كل همسة وكل حركة مهما كانت بسيطة..
بمعنى آخر الاحتلال حوّل حي الزيتون إلى مختبر تقني عسكري، يرسل فيه أذكى آلاته وأحدث تقنياته التي طورها الغرب على مدار عقود.
ومع ذلك.. وسط هذه الغابة الحديدية، يحدث ما لا يصدّقه عقل:
الكمائن تنفجر في وجوههم ، والجنود يتساقطون بين قتيل وجريح.
والأدهى: بعضهم يُسحب أحياءً من قلب المعركة، أمام دروناته وروبوتاته وأقماره الصناعية!
كيف يحدث ذلك؟
بكل الحسابات العسكرية والتقنية، ما فعلته المقاومة أقرب إلى الاعجاز
إرباك المنظومات الإلكترونية،
إخفاء المقاتلين وسط الركام،
استخدام تكتيكات الخداع والتمويه،
جرّ الجنود إلى نقطة ميتة خارج مجال الرؤية،
ثم الانقضاض.
هذا ليس مجرد تكتيك.. هذا إعجاز يُرى نهارًا جهارًا.
جيش مدجج بأحدث أدوات العالم يفشل أمام عقول مؤمنة وأقدام حافية، ويخرج بخسائر كارثية ويترك وراءه لغزًا عسكريًا يعجز قادته عن تفسيره.. ولا اجد تفسيرا الا قوله تعالى:”وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشينهم فهم لا يبصرون”
السؤال الكبير الذي سيعجز الجيش الإسرائيلي عن الإجابة عليه:
وماذا بعد غزة؟
لنفترض أن الدبابات الإسرائيلية دخلت كل شوارع غزة، ودمرت آلاف البيوت، ولم تحرر جندياً إسرائيلياً واحداً، وأبت حركة حماس أن ترفع الراية البيضاء، وهي لن ترفع الراية البيضاء مطلقاً
فماذا بعد غزة؟
هل سيرفع العدو الإسرائيلي الراية البيضاء، ويوقع على اتفاقية وقف إطلاق النار، وتبادل أسرى؟
أنا أقول: نعم، نعم، نعم، سيوقع عدونا مرغماً، وحذاء المقاومة فوق عنق الدبابة الإسرائيلية.
هناك عائلات في غزة اتخذت قرارا بالبقاء في غزة قربى لله وبنية الرباط في المدينة لعلمهم بأنها قلعة هامة ينبغي ألا تسقط وبأنهم إذا خرجوا ربما لن يعودوا وسيفكر العدو في تهجير أكبر وأعظم
أشاهد هذا في نقاشات على الواتس وعندما أطمئن على صديقاتي وعوائلهم
هل هذا يعني أن من ينزح خائن ؟
لا طبعا فهذا العدو قاتل مجرم نازي لا يترك وسيلة للعذاب والقتل الا ينفذها وإن الهروب من نازيته تصرف بشري طبيعي متوقع طالما لا يوجد أي حماية لهؤلاء الأبرياء المظلومين
ولكنه يعني أن هناك في غزة من هم فوق البشر حقا، من هم مستعدون حقا لأن يكونوا دراعا بلحمهم الحي ضد التهجير ومن أجل حماية غزة من السقوط ، هؤلاء هم مثال حي للحاضنة الشعبية التي اتخذت قرارا بأن تكون مع المقاومة في أصعب أوقاتها وأحلكها
جريدة الوطن الاكبر الوطن الاكبر ::: نبض واحد من المحيط الى الخليج .. اخبارية — سياسية – اقتصادية – ثقافية – شاملة… نبض واحد من المحيط الى الخليج 