في بلد الحذاء يُلمّع والخبز يُهان: مفارقة تستحق التأمل!

بقلم: [هبه هيكل]

عندما زار أحد السائحين الأجانب مصر مؤخرًا، عبّر عن دهشته بملاحظة بسيطة، لكنها كاشفة بشكل عميق.

قال:

 

> “رأيت الحذاء في مصر يُعرض داخل فترينة زجاجية، تُنظّف كل صباح، بينما الخبز — الذي هو نعمة الحياة — يُلقى في الشارع، يتعرض للغبار والدوس بلا اكتراث!”

 

كلماته، وإن بدت صادمة، إلا أنها طرحت سؤالًا وجوديًا قبل أن يكون اجتماعيًا:

كيف قلبنا موازين التقدير حتى بات ما يُداس يُلمّع، وما يُؤكل يُهان؟

 

🥖 الخبز.. من رمز القداسة إلى سلعة بلا حرمة؟

 

لطالما اعتبر المجتمع المصري الخبز “عيْش” — أي “حياة”. كان يُلتقط من الأرض، ويُمسح، ويُقبّل.

أما اليوم، ففي مشاهد متكررة في شوارعنا، نرى الخبز يُنقل مكشوفًا، يُلقى على الأرصفة أو فوق صناديق الخضار دون عناية، وكأن قيمته لم تعد تتجاوز الجنيه أو الاثنين.

 

فما الذي تغيّر؟

هل هو الإنسان؟ أم الثقافة؟ أم أننا دخلنا مرحلة تقديس المظهر وتناسي الجوهر؟

 

👞 حين ينتصر “اللامع” على “اللافت”

 

في المقابل، نشاهد أحذية تُعرض خلف الزجاج، يلمعها موظف خصيصًا، تُسلّط عليها الأضواء، وتُعامل كأنها من رموز الرقي.

لا اعتراض على النظام والنظافة والاهتمام بالمنتجات — ولكن،

لماذا لا يُمنح الخبز — رمز الكفاف والكرامة — نفس القدر من الاحترام؟

 

🧭 دعوة للتأمل.. لا للتقريع

 

ليست القضية هجومية، ولا هي ثورة على ترتيب السوق، بل دعوة لإعادة النظر في سلوكنا الجمعي.

الخبز لا يحتاج زجاجًا ولا علبة مستوردة، لكن يحتاج احترامًا يليق بمعناه لا بثمنه.

 

ولعلنا نتعلّم من تعليق الزائر أكثر مما نظن.

فأحيانًا، عيون الغريب ترى ما تعودنا نحن أن نتجاهله.

 

✨ في الختام…

من أجل أجيال تتعلم القيم قبل الصور،

ومن أجل وطن يفتخر بثقافة تحترم النعمة قبل المظهر،

دعونا نعيد للخبز مكانته — في عقولنا وطرق تداوله.

فربّ نعمة أُهينت، فزالت.

شاهد أيضاً

الجيزة جاهزة لانتخابات الشيوخ.. والمحافظ يدعو للمشاركة

متابعة / صابر محجوب أكد المهندس عادل النجار محافظ الجيزة جاهزية المحافظة التامة لانتخابات مجلس …