بلال سمير
منذ 643 يوم، وأهل غزة بيواجهوا حرب إبادة شرسة، حرب تهدف لتدمير كل شيء، من بيوتهم لفرحتهم، من أطفالهم لشيوخهم، لكن رغم كل شيء، غزة لسه واقفة، لسه صامدة، ولسه بتقول للعالم: “ما في شيء بيكسرنا”
الدمار والخراب في كل مكان، الحصار عم يقيد الناس ويخنقهم، والاحتلال بيحاول بكل قوته يسرق منهم الحياة والأمل. لكن كل قصف، وكل قنبلة، وكل ساعة ضياع، بتزيد الشعب الفلسطيني قوة وعزيمة. أهل غزة مش بس صامدين، دول بيدافعوا عن وجودهم، عن هويتهم، عن حقهم في الحياة.
غزة مش مجرد مكان، غزة هي رمز المقاومة، هي اللي علمت العالم كيف تكون الكرامة صامدة حتى وسط أشد الظروف. الشهداء اللي سقطوا، جرحانا اللي ما استسلموا، والناس اللي عايشين تحت الأنقاض، كلهم رسائل صمود وقوة.
غزة لسه بتعيش، ولسه مقاومتها أقوى من أي وقت مضى. رغم كل التحديات، أهل غزة بيثبتوا إنه ما في شيء ممكن يهزمهم، وما في قوة في العالم تقدر تكسر إرادتهم.
إيتوني بأعلم أهل الأرض في العلوم العسكرية شارحا لمشهد شاب يخرج من بين ركام المنازل المدمرة ويتوسط دبابتين لا تتوقفان عن إرسال قذائفها العشوائية، فيحمل عبوة لا يقل وزنها عن عشرة كيلو جرامات ثم يلقي بها على أعلى دبابة تصنف أنها الأكثر قوة وتحصينا وإمكانيات في العالم.
ربما كان هذا الشاب حافيا، وفي أفضل الأحوال كان ينتعل صندلا أو حذاءا باليا بالتأكيد هو أطهر وأشرف من جموع المتخاذلين.
والأكيد أنه كان جائعا لم يأكل لقمة واحدة منذ أيام وأسابيع، ومؤكد أنه كذلك لم يلتق أهله منذ شهور طويلة؛ فطبيعة الحصار المفروض على تلك المناطق بكل الإمكانات العسكرية ووسائل المراقبة تحتم على المقاومين البقاء في نطاق تلك الأماكن لأوقات طويلة جدا.
ايتوني بأعلم أهل الأرض في العلم العسكري، بل في الطب النفسي، وبكل علوم النفس البشرية ليشرح وليفسر مدلولات هذا المشهد الأسطوري الخارق.
الكلام سهل والمشاهدة الماتعة أسهل، لكن إمعان الفكر قليلا في مثل هذه المشاهد يقول شيئا واحدا: لقد خلق النصر لأمثال هذه الفئة الصابرة المرابطة.