بقلم: عزة أبو المجد
في مجتمعاتنا المعاصرة، باتت ظاهرة ازدواجية الشخصية، أو ما يُعرف بالنفاق الاجتماعي، تشكل خطرًا داهمًا على النسيج الاجتماعي السليم، وتُهدد بتفكيك الروابط الإنسانية الصادقة المبنية على الثقة والوضوح، نتحدث هنا عن أولئك الأشخاص الذين يتصفون بوجهين مختلفين، يتلونون كالحرباء حسب الموقف والظرف، فيُظهرون جانبًا مُزيفًا يتناسب مع مصالحهم الشخصية، ويخفون حقيقتهم ببراعة مُتقنة، يتلاعب هؤلاء الأشخاص بالكلام المعسول، ويُطلقون الوعود البراقة، لكن أفعالهم تُناقض أقوالهم بشكل صارخ، فهم يُظهرون الود والمحبة ظاهريًا، بينما يُضمنون في دواخلهم مشاعر مُغايرة تمامًا، قد تكون حقدًا أو حسدًا أو كراهية، يُتقن هؤلاء فن التمثيل والنفاق، ويُجيدون ارتداء الأقنعة الزائفة التي تُخفي حقيقتهم المُظلمة، فيُبدون وكأنهم أصدقاء مخلصون، بينما يعملون في الخفاء على تدمير العلاقات، إن هذا النوع من السلوك المُنافق يُؤدي إلى تآكل الثقة بين الأفراد، ويُشيع جوًا من الريبة والشك، ويُضعف من قيمة الصدق والإخلاص في العلاقات الإنسانية، مما يُهدد استقرار المجتمع وتماسكه.
من هم المنافقون؟
المنافق شخصٌ يتظاهر بالمحبة والإخلاص، بينما يُضمر في داخله مشاعر سلبية كالغيرة والحسد والكراهية، يُظهر لكَ وداً زائفاً، ويُخفي نواياه الحقيقية المليئة بالخبث والمكر، يتملّق إليكَ بالكلام المعسول والثناء الجميل أمامك، ولكنه يُسارع إلى ذمّكَ من وراء ظهركَ، ينشر عنكَ الإشاعات والأكاذيب، ويُحاول تشويه سمعتكَ بين الناس، يَتَصنّع الابتسامة والبشاشة في وجهكَ، مُظهراً لكَ كلّ مظاهر الاحترام والتقدير، بينما يُضمر لكَ العداء ويُخطط للإيقاع بكَ في أيّة فرصة سانحة، يُمكن أن يكون هذا المنافق زميلاً لكَ في العمل، صديق في الدراسه، أو جاراً حسوداً يُظهر لكَ المودة بينما يتمنى زوال نعمتك، أو حتى قريباً مُتَلوناً يُخفي طمعه وحقده خلف قناع من الكذب والنفاق، يتميّز سلوك المنافق بالازدواجية والمراوغة، فلا يُمكنكَ التمييز بين صدقه وزيفه، ولا تعرف حقيقة موقفه منك، فهو يُبدل أقنعته حسب الموقف والظروف، ويُجيد التلاعب بمشاعركَ وكسب ثقتكَ قبل أن يطعنكَ في ظهركَ، لذا، يجب الحذر من هؤلاء المنافقين، وعدم الانخداع بمظاهرهم الكاذبة، والتحقق من صدق نواياهم قبل منحهم الثقة.
توضيح بعض صفات المنافقين:
•الكذب المتكرر: لا يلتزم بالصدق في أقواله، ويقول ما يرضي الآخرين لا ما يعبر عن الحقيقة.
•الخيانة: لا يؤتمن على سر أو عهد، فهو مستعد للغدر إن اقتضت مصلحته ذلك.
•التملق والنفاق الاجتماعي: يمدح من له سلطة أو جاه لأغراض مادية أو شخصية، لا عن قناعة.
•نشر الفتنة: يتسبب في إشعال النزاعات بين الناس، بنقل الكلام وتحريفه.
كيف نتعامل مع أصحاب الوجهين؟
الحد من الثقة الزائدة: لا تمنح ثقتك بسهولة، بل اختبر الأفعال لا الأقوال.
المواجهة عند الضرورة: إذا تكرر النفاق والخداع، لا تتردد في مواجهتهم بحزم.
الابتعاد عنهم: أحيانًا يكون أفضل حل هو الابتعاد بهدوء عن الأشخاص السامين.
الوضوح في المواقف: كن واضحًا ومباشرًا في علاقاتك، ولا تسمح للنفاق أن يمر بصمت.
في نهاية المقال اريد أن أوضح أن المنافقون وأصحاب الوجهين ليسوا فقط عبئًا على الأفراد، بل على المجتمع بأكمله، علينا أن نحذر من تأثيرهم، وننشر ثقافة الصدق والوضوح، ونكون قدوة في احترام القيم النبيلة، فالعلاقات النقية لا تنمو إلا في بيئة يظللها الصدق والنية الطيبة، لا الزيف والخداع.