بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي جعل حب الوطن أمرا فطريا والصلاة والسلام على من ارسله الله تعالى رسولا ونبيا وعلى آله وصحابته والتابعين لهم في كل زمان ومكان، أما بعد لقد أوصي الإسلام بتربية الأبناء تربية إسلامية ترضي الله ورسوله المصطفي صلي الله عليه وسلم، وينبغي أن نعلم أبناءنا مراقبة الله في السر والعلن، وهو أدب يتعلمه الطفل من خلال الصيام، ثم نقويه لديه من خلال رواية بعض القصص الواقعية التي حدثت معنا وآثرنا فيها رضى الله حتى ولو لم يكن أحد يرانا غيره، ومثل قصة بائعة اللبن التي كانت أمها تريدها أن تغش اللبن بالماء، فلما رفضت وقالت لها الأم ” لماذا؟ إن عمر لا يرانا، فردت الإبنة ” إذا كان عمر لا يرانا فإن الله يرانا” فأُعجب عمر بن الخطاب الذي سمعهما حين كان يتفقد أحوال الرعية بقوة إيمانها وحرص على أن يخطبها لابنه.
فكانت ثمرة الزواج هو خامس الخلفاء الراشدين أمير المؤمنين ” عمر بن عبد العزيز” وكما ينبغي أن نعلم أبناءنا علي إخلاص النية في العمل لله تعالي، فإنه من المفيد أن يعلم الطفل أنه إذا نوى بكل ما يفعله مرضاة الله تعالى، فإنه سينال عظيم الأجر على كل ما يمارسه من أمور حياته، فيروّح عن نفسه لكي يقوى على الطاعة ويمارس الألعاب الرياضية ليكون مسلما قويا ويأكل بإعتدال ليكون مسلما صحيحا معافى في نفسه وبدنه، ويذهب إلى الأماكن الخلوية والمتنزهات ليتفكر في خلق الله تعالي ويذكره بين أناس غافلين، ويتعلم العلم الدنيوي والشرعي ليفيد المسلمين وغيرهم بعلمه ولا يضر نفسه وغيره بجهله، ولأن العلم في الإسلام فريضة على كل مسلم ومسلمة، ويتعلم اللغات ليأمن مكر أعداءه وليدافع عن دينه، ويدعو إليه، ويستمع إلى الأخبار المحلية والعالمية.
ليهتم بشؤون غيره من المسلمين ويحاول مساعدتهم ولو بالدعاء، وينوي بالزواج أن يكوّن أسرة مسلمة تعبد الله وتذكره، إلي غير ذلك من الأمور، وكما ينبغي أن نربي أبناءنا علي التوكل على الله سبحانه وتعالي، حيث كان الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم يحرص على تعليم الغلمان من أولاد الصحابة كيف يتوكلون على الله حق التوكل، فقد كان يركب وراءه ذات مرة ابن عباس رضي الله عنهما، فقال له ” يا غلام إحفظ الله يحفظك، إحفظ الله تجده تجاهك، واعلم أن الأمة لو إجتمعت لينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وأن الأمة لو إجتمعت ليضروك بشيء فلن يضرونك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجفت الصحف” فما أعظمه من حديث، لذا ينبغي أن يعلق في إطار على الحائط ليراه أهل البيت ويبث فيهم روح اليقين في الله، والرضا بقضاءه.
والشجاعة والإقدام وحسن التوكل عليه تعالى، مع أهمية أن نشرح له أن التوكل يعني الأخذ بالأسباب بالجوارح مع التوكل على الله بالقلب، أي التيقن من أن تحقيق الغاية لن يتم إلا بأمر الله عز وجل، فإذا لم يكن هناك أسباب يمكن إتخاذها فالأمر لله، وهنا ينبغي التضرع والدعاء له تعالى لتحقيق تلك الغاية، مع الثقة في حكمته وأن كل ما يأتي به الله خير، ومما يعينه على ذلك أن نحكي له من مثل القصص الواقعية ومثل ذلك هو ما قيل أنه لما فتح القائد عمرو بن العاص رضي الله عنه مصر منع عادة عروس النيل التي تقضي بإلقاء فتاة شابة مزينة بالحلي في النيل ليفيض عليهم فتوقف النيل عن الجريان لمدة ثلاثة شهور، فأرسل عمرو بن العاص إلى عمر ليستشيره، فأرسل يقول له حسنا فعلت وأرجو أن تلقي في النيل رسالتي التالية؟
هذه رسالة من عمر بن الخطاب إلى نيل مصر أما بعد، فإن كنت تجري من لدن الله فنسأل الله أن يجريك، وإن كنت تجري من لدنك، فلا تجري فلا حاجة لنا فيك” فجرى
النيل وفاض.