#كبسولات نفسية
كتبت د/غادة حجاج
تم النشر بواسطة: عمرو مصباح
# الكلمات السوداء.المظلمة.. كيف تسرق نور الروح؟ رحلة في تأثير الكلمـة السلبيـة على نفسية الإنسان
ليست الكلمات مجرد أصوات تموت في الهواء، ولا حروفاً تُخطّ على الورق. إنها كيانات حية تحمل في طياتها قوة خفيّة تُحدث زلازل في أعماق النفس، أو تزرع حدائق في فضاء الروح. وعندما تنحدر الكلمات إلى ساحة السلبية، تتحول إلى سهام خفيّة تنفذ إلى أعماق الإنسان، فتسرق بريقه وتُطفئ نوره الداخلي. فكيف تُحدث هذه الكلمات تأثيرها المدمر؟
**الجراح الخفية: تشريح الأثر النفسي للكلمات السلبية**
**بناء سجن الذات:** عندما تُلقى كلمات مثل “أنت فاشل”، “لا تستحق”، أو “هذا مستحيل” – خاصة في لحظات الضعف – يبدأ الإنسان في بناء سجن نفسي. يبدأ في استيعاب هذه الرسائل، فتُشوه صورته عن ذاته، وتُضعف ثقته بقدراته
**تلويث عدسة الرؤية:** الكلمات السلبية تشبه سحابة داكنة تُعكّر صفاء النظرة إلى العالم. فهي تُغذي التشاؤم وتُضخّم الصعوبات، وتُصغر الإمكانات. عبارات مثل “الحياة صعبة”، “الناس كلهم أنانيون”، أو “لا فائدة من المحاولة” تصبح عدسة ملونة يرى الإنسان من خلالها كل شيء قاتماً، مما يقتل روح المبادرة ويُعزّز الشعور بالعجز واليأس.
بذور الاضطراب النفسي:** الأبحاث النفسية تشير بقوة إلى العلاقة بين التعرض المزمن للكلمات السلبية (الإساءة اللفظية، التنمر، النقد المستمر، العلاقات السامة) وزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب، اضطرابات القلق، واضطراب ما بعد الصدمة. الجرح الكلامي قد يكون أعمق وأطول أمداً من الجرح الجسدي. فالطاقة السلبية المتراكمة من جراء الكلمات المؤذية قد تجد متنفساً لها في صورة آلام جسدية غير مبررة (صداع، آلام الظهر)، اضطرابات في النوم، مشاكل هضمية، أو حتى إضعاف المناعة على المدى البعيد. الجسد يصرخ بما تعجز النفس عن التعبير عنه.
*: كيف نُعـيد شـحن نورنا المسـروق؟**
كن حارساً يقظاً لبوابة عقلك وقلبك. راقب الكلمات التي تسمعها والتي تتفوه بها.
تعلن فن وضع الحدود. ليس عليك أن تستقبل كل كلمة سلبية تُلقى تجاهك. تعلم قول “هذا الكلام مؤذي ولا أقبله”، وقلل التفاعل مع “مصاصي الطاقة” المزمنين. حماية مساحتك النفسية ليست أنانية، بل ضرورة.
اجعل الامتنان ممارسة يومية. كتابة أو تذكر ثلاثة أشياء تشعر بالامتنان لها يُغيّر التركيز من الظلام إلى النور، ويرفع منسوب الطاقة الإيجابية بشكل ملموس.
**الخاتمة: الكلمة… سلاح ذو حدين**
الكلمة السلبية ليست هواءً يتبدد، بل هي قوة هادرة قادرة على حفر أخاديد عميقة في نفسية الإنسان، تسرق بريقه، تُثقله بالشكوك، وتدفعه نحو دوامات من التشاؤم والألم النفسي والجسدي. طاقتها الكثيفة تُظلم الأفق . من أجل سلامتنا النفسية: بالوعي نحمي أنفسنا، وباختيار الكلمات المضيئة نبنيها. فلننتقِ ألفاظنا كما ننتقي أثمن ما نملك، فالكلمة قد تكون **سُمّاً بطيئاً… أو ترياقاً شافياً.** قال تعالى: “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ” (إبراهيم: 24-25).