بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه و نستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه و خليله وخيرته من خلقه، أدى الأمانة و بلغ الرسالة ونصح الأمة، ومحا الظلمة وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته وإقتدى بسنته إلى يوم الدين أما بعد إن حب النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم يجب أن يكون أعظم حب بعد حب الله تبارك وتعالى، وأعظم من حب الولد والوالد، وأعظم من حب الوالدة والإخوة، ومن حب المال والدنيا، وأعظم من حب الزوجة بل أعظم من حب النفس، فإذا لم يكن هذا هو واقع محبة النبي صلى الله عليه وسلم في قلب المسلم فإنه لا يذوق حلاوة سنته.
فقال سهل رضي الله عنه ” من لم يري ولاية الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأحوال ويرى نفسه في ملكه صلى الله عليه وسلم لا يذوق حلاوة سنته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه ” وإن محبة النبي المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم طريق إلى الجنة، وبوابة إلى حب الله عزوجل، وعبور إلى منازل الجنان، ودليل كبير على إيمان المرء وإخلاصه لله تعالي، وذلك بتطبيق محبة الرسول صلى الله عليه وسلم في إمتثال أوامره وإجتناب نواهيه، فإتباع سنة المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم أكبر دليل وأعظم برهان على صدق محبته والإخلاص في حبه، ومن كانت محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم متربعة في نفسه على بقية الناس فإنه يحضى بثواب من الله عز وجل عظيم.
وقيل أنه جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال متى الساعة يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم “ما أعدتت لها؟” قال ” ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صوم ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله قال ” أنت مع من أحببت” فجزاء محبته صلى الله عليه وسلم هي أن محبه سيكون معه صلى الله عليه وسلم في الجنة، وسيكون قريبا منه في المنزلة والدرجة، روي أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله؟ لأنت أحب إلي من نفسي ومالي، وإني لأذكرك فما أصبر حتى أجي فأنظر إليك، وإني ذكرت موتي وموتك فعرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وإن دخلتها لا أراك، فأنزل الله تعالى قوله ” ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ” فدعا به فقرأها عليه.
فيا لها من منزلة رفيعة ودرجة عالية ومكانة عظيمة، إنها ثمرة محبة النبي الكريم المصطفي صلى الله عليه وسلم، وثمرة محبة الحبيب وطبيب القلوب من تسعد القلوب وترتاح إذا إمتلأت بحبه وتسموا النفوس إذا أنست بحبه وترتاح الأجساد إذا تعبت في إتباع سنته، فيقول صلى الله عليه وسلم “من أحبني كان معي في الجنة” وإن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ضربوا أروع الأمثلة، وصدروا أبرز المشاهد، وبرهنوا أعظم دليل على صدق محبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقدموا من أجله الغالي والنفيس، فلم يهن عليهم شيء مقابل حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمال يهون والولد والزوجة تهون بل والنفس تهون مقابل حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عجب ولا غرابة فمحبته خالطة بشاشة قلوبهم فسرت في عروقهم، وجرت في شرايينهم، وتشبعت بها أرواحهم، وسيطرت على
أفكارهم.