? الزواج مودة ورحمة ?

#مقالى: فى جريدة ” الأمة ”
? الزواج مودة ورحمة ?
كنت فى طريقى لمقابلة إحدى صديقاتي ، فقد اعتدنا على اللقاء فى الإجازة الأسبوعية ، وركبت وسيلةالمواصلات فجاء جلوسى بجوار فتاة فى سن الشباب ،وكانت هذه الفتاة تتحدث فى التليفون المحمول مع صديقة لها بصوت عال (وأعيب عليها ذلك لأنها لم تحترم خصوصية الآخرين ) فكل الركاب كانوا فى هدوء تام وتم إقحامهم رغما عنهم ليستمعوا إلى حديثها وكنت أنا من ضمنهم . فكانت تحكى لصديقتها عن خطوبة أخيها لفتاة و عن الاستعدادات التى ستقوم بها أسرتها لحفل الخطوبة ، و بدأت تسرد قصة الخطبة بكل تفاصيلها من بدايتها . وقد استوقفتنى بعض الكلمات فى حديثها .
أولها ما قالته هذه الأخت عن أخيها وهو أنه كان مترددا فى إتمام الموضوع ، ولم يوافق إلا بعد إلحاح من أسرته فكانوا يدفعونه للموافقة دفعا فكان خائفا من الإقدام على هذا الأمر و كأنه داخل على معركة ، فقد يكون قلقا من المسؤلية التى ستقع على عاتقه والحياة الجديدة التى تنتظره والتى سيكون هو قائدها والمسؤل عنها “فكل راع مسؤل عن رعيته أمام الله ” ،فالزوجة والأبناء مسؤلية الزوج التى يجب أن يتحملها بكل حب فهو المتكفل بالإنفاق عليهم وهو المتصدى لحمايتهم والدفاع عنهم قال تعالى فى سورة النساء الآية ٣٤ ” الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ” . فهل للخوف من تحمل المسؤلية التأثير الأكبر فى عزوف الشباب عن الزواج وترك حياة العزوبية ؟ . إننا و للأسف نجد معظم الشباب لا يتحملون مسؤليتهم الشخصية تجاه أنفسهم ويعتمدون على آبائهم فى كل صغيرة وكبيرة ويرجع ذلك للتربية الخاطئة فالأب لا يربى ابنه على الاعتماد على النفس ولذلك ينشأ مدللا متواكلا على أبيه وبالتالى يفشل فى تكوين أسرة مترابطة بل ويكون العامل الأساسي فى تدميرها رغم محاولة الأهل لإصلاح الحال . فيجب أن يعتمد على نفسه منذ صغره لينشأ شابا قويا مدركا قيمة العمل والاجتهاد فى الحياة ولا مانع من معاونة الأسرة له لصعوبة الظروف الاقتصادية التى يمر بها الجميع وهذه التربية هى ما تهيؤه لتكوين أسرة جديدة ناجحة متماسكة قوية، ونلاحظ أن التربية على الأسس الدينية هى من أهم أسباب نجاح الابن فى الحفاظ على أسرته .
و جذبني تعبير أخر قالته الفتاة لصديقتها وهو أن أخاها لم يهتم بشكل العروس ولا ملابسها ولا أى شىء أخر ولكن ما أعجبه بها أنها “بنت منكسرة ” بكسر السين أى يظهر عليها الضعف ، أو كما قالت الأخت أنها منطوية لا تعرف شيئا عن الحياة وعلاقتها لا تخرج عن نطاق البيت و العمل . فلماذا يبحث الشاب عن عروس بهذه الصفات ؟هل ليمارس سطوته وجبروته عليها ويكون هو المتحكم الآمر الناهى دون اعتراض من الزوجة ؟ أم أن الشباب يخافون من القوة التى أصبحت عليها المرأة و حب السيطرة الذى تملكها . لقد تغيرت طباع البنت وتغير أسلوبها فى ممارسة الحياة عن العصر القديم ،فقديما كانت البنت تشعر بواجب تجاه أسرتها وتتحمل معها الكثير وليس لها متطلبات فى الحياة إلا الضروريات فلا تكلف أسرتها فوق طاقتها ولا يشغلها غير تعليمها وإذا تزوجت فكل ما يشغل بالها هو سعادة زوجها وتربية أبنائها تربية صالحة ولا تطمع فى الكثير وكانت تراعى الله سبحانه وتعالى فى كل تصرفاتها تجاه بيتها وزوجها حريصة على إرضائه حتى يرضى الله عنها، وكانت تساعده فى تجاوز صعوبات الحياة وهى راضية سعيدة،كما أن الزوج كان يعامل زوجته بالحسنى ويسعى لإسعادها فهو يعتبرها زوجته وابنته وأمه وصديقته وحبيبته ، وكان الشاب لا يشعر بالقلق عند تقدمه لأى فتاة ، فالحياة الزوجية كانت هادئة لأنها تقام على المودة والرحمة والاحترام المتبادل بين الزوجين،كما كان لها قدسيتها ولهذا كانت حالات الطلاق قليلة جدا .
أما فى العصر الحاضر نجد أن حالات الطلاق زادت عن معدلها الطبيعى وذلك بسبب تربية البنت على الدلال والاستهتار ،فالأم لا تغرس مفهوم الزوجة الناجحة داخل ابنتها ولم تعززه ولم تعلمها كيفية بناء أسرة سليمة على أسس ودعائم متينة — فالأم قدوة لابنتها — فكبرت البنت وهى مفتقدة لمعان ضرورية فى حياتها، كما أنها صارت تتصف بالجرأة لدرجة كبيرة فى سلوكياتها وتعاملاتها مع الآخرين ، وهى تجهل ما عليها من واجبات وتطالب بحقوقها ألا وهى ” حقوق المرأة ” التى تتشدق بها دائما رغم أنها نالتها جميعها وهذا ما جعل صوتها مرتفعا عاليا، ولهذا يبحث الشاب عن البنت ” المنكسرة ” التى لا تناطح زوجها الند بالند حتى يتزوج منها ، فهو يطلب فتاة يستطيع أن يتفاهم معها وليست فتاة يتصارع معها إذا حدث خلاف بينهما ، وقد يتجاوز الخلاف إلى حد الشتم والتطاول بالأيدى على الزوج فى بعض الأحيان .
وإذا وقفت بجانبه لمساندته فمع أول شجار تعايره وتحاول إذلاله والسيطرة عليه ليصبح طوع يديها تحركه كما تشاء كالدمية .
وأجد أن الزوج أصبح شاعرا بالضعف بعد صدور العديد من القوانين التى تساند المرأة ، ولذلك عليه أن يتحمل الكثير والكثير كى تمر حياته الزوجية بسلام ، فقد بذل كل جهده حتى يستطيع تكوين أسرة يعيش معها حياة سعيدة مستقرة فلن يضحى بها بكل سهولة إلا إذا وجد استمرارها مستحيلا . فنجده يتغاضى عن أشياء عديدة حتى لا يهدم أسرته ويحافظ على أبنائه ليكبروا أسوياء وحتى لا يدفع الثمن غاليا ،وهذا التغاضى جعل الزوجة تزداد تجبرا وسيطرة وعنفا ،وإذا وجدت منه استسلاما تتمادى فى افترائها عليه ،ومن الممكن أن تستمر هذه الحياة بسوئها طالما الزوج راض عن وضعه . وإذا ما أخذته الحمية وقرر وضع حد لذلك فليدرك ماذا سيواجه من قضايا ومحاكم قد تنتهى بسجنه ، فالمحاكم أصبحت مليئة بقضايا الطلاق و الخلع فقد خرج الوضع عن المألوف ، و ذلك لأننا لا نطبق شرع الله كما فى قوله تعالى “وعاشروهن بالمعروف ” سورة النساء الآية ١٩ ، وقوله ” فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف “سورة الطلاق أية ٢ .
إن الحياة الزوجية التى أساسها المودة والرحمة و المشاركة والتكامل هى حياة سعيدة مستقرة، فالزوجان كلاهما يؤديان دورهما الإنسانى والاجتماعى لاستمرار الحياة على وجهها الأمثل وعلى كل منهما أن يراعى حقوق الآخر المادية والمعنوية والتعامل باحترام و إحسان .

بقلم / ? دعاء الشاهد ?

شاهد أيضاً

دعامات القيادة بقلم محمد تقي الدين

دعامات القيادة بقلم محمد تقي الدين القيادة درب العظماء يسعى إليها كل عظيم لكن هيهات …