بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل، فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبدالله صلى الله وسلم وبارك عليه ما تعاقبت الليالي والأيام أما بعد عباد الله ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن يوم القيامة وعن أهوال هذا الموقف العظيم، فإنه يوم القيامة واليوم الآخر ويوم الساعة ويوم البعث ويوم الخروج، ويوم القارعة ويوم الفصل ويوم الدين ويوم الصاخة ويوم الطامة الكبرى ويوم الحسرة ويوم الغاشية ويوم الخلود ويوم الحساب ويوم الواقعة ويوم الوعيد ويوم الآزفة ويوم الجمع ويوم الحاقة ويوم التلاق ويوم التناد ويوم التغابن ويوم العرض، ويوم عسير على الكافرين غير يسير ويوم عظيم.
ويوم مشهود تشهده الخلائق كلها، فكلهم حاضرون الأولون والآخرون، الأنس والجن، والبهائم والطيور، فيقول الله تعالي ” يوما عبوسا قمطريرا ” فقد ألهتنا الدنيا بملهياتها ومغرياتها وأحداثها وحروبها، وألهتنا عن ذكر الله تعالي، وأصبح لا نسمع في المجالس والمجامع إلا ذكر الدنيا وأحوالها، فقد ألهتنا عن كتاب الله عز وجل، وألهتنا عن القبور، فلا نجد من يذكرنا بالقبور وبالموت وبالحشر، وألهتنا عن يوم القيامة وهو أعظم الأيام وأطول الأيام وأخوف الأيام وأشنع الأيام حتى قست القلوب، وصارت الدنيا هي الهم الوحيد في قلوبنا إلا من رحم الله تعالي، ذلك اليوم الذي غفلنا عنه، وقللنا من ذكره وتناسيناه أو نسيناه، ولقد ذكره الله تعالي مئات المرات في القرآن الكريم مئات المرات، وهذا دليل على عظمته وهوله وفزعه، وصفه الله عز وجل بأبلغ الأوصاف.
حيث قال الله تعالى كما جاء في سورة البقرة ” وإتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون ” وهو يوم تنتهي فيه الحياة الدنيا، ولا يبقى منها شيء، ولا يحظر منها شيء، ولا يتقى منها بشيء، ولا يعتز منها بشيء، إلا ما كان لله فما كان لله يبقى، حيث يقول الله تعالي في سورة الزمر ” وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون ” وفي ذلك اليوم ينفخ في الصور نفخة واحدة، تنتهي الحياة في السماوات والأرض فلا حياة، وهي نفخة هائلة يسمعها المرء، فلا يستطيع أن يوصي بشيء، ولا يقدر على العودة إلى أهله وأحبابه، وبعد تلك النفخة ينادي رب العالمين ” لمن الملك اليوم ” فلا يجيب أحد، ثم يجيب سبحانه ” لله الواحد القهار ” ونافخ الصور هو الملك إسرافيل عليه السلام.
وقد إستعد لذلك وتهيأ، ثم يمكث الخلق مصعوقين ما شاء الله، ثم يأمر الله إسرافيل بالنفخة الثانية، نفخة البعث والإحياء، وأول من تنشق عنه الأرض محمد صلى الله عليه وسلم، حيث يقول صلى الله عليه وسلم ” أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع ” رواه مسلم، وهو يوم تحضر فيه الخلائق كلها، فسمّي يوم الجمع، فلا ملك ولا وزير، ولا شيخ ولا غني ولا فقير، كلهم يحضرون بدون أسماء مستعارة وبدون ألقاب، يأتون عبيد لله، حيث يقول الله تعالي ” إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا، لقد أحصاهم وعدهم عدا، وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ” وهو يوم يحشر الناس فيه حفاة عراة غرلا، ويوم طوله خمسون ألف سنة، خمسون ألف سنة والناس في أرض واحدة، ينفذهم البصر، ويسمعهم الداعي.
والشمس منهم على قدر ميل، لا ظلال ولا مكيفات، ولا ماء ولا أكل، ولا أغطية ولا أحذية ولا شجرة، وهو يوم تشخص فيه الأبصار إلى السماء، وترتفع فيه قلوب الظالمين إلى الحناجر، ويشيب فيه الصغير، ويتخلى الأب عن إبنه والأخ عن أخيه، والزوجة عن زوجها والوالدة عن ولدها.