يا أيها الإنسان تفكر في نفسك

يا أيها الإنسان تفكر في نفسك

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد، يا أيها الإنسان تفكر في نفسك، تفكر في ضعفك وعجزك وإفتقارك، وتفكر في عظمة الله وفي ملكوت الله، انظر إلى السماء بلا عمد، انظر إلى الأرض في أحسن مدد، انظر من أجرى الهواء ومن سير الماء ومن جعل الطيور تناظم بالنغمات، ومن جعل الرياح غاديات رائحات؟ ومن فجر النسمات؟ ومن خلقك في أحسن تقويم؟ أهذا يعصى، أهذا يكفر، أهذا يجحد؟ والله إن السماء بما فيها من ملكوت لا تعصي الله، وإن الأرض لا تقوى على أي معصية، وإن الجبال الرواسي الشامخات لا تعصي الله، وإن الشمس بحرارتها وقوتها لا تعصي، وإن القمر بجماله لا يعصي الله. 

 

فلا إله إلا الله كيف إستطاع هذا الإنسان الضعيف الحقير أن يعصي ربه وخالقه ومولاه؟ وكيف تجرأ هذا الإنسان أن يعصي جبار السموات والأرض الذي لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد؟ فيوم تنصب الموازين فيقول الله تعالي ” يا آدم أخرج بعث النار من ذريتك، فيقول آدم ما بعث النار؟ فيقول الله من كل ألف تسعمائة وتسع وتسعين، عندها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ” فيا عبد الله، والله لن يبقى معك إلا ما قدمت من أعمال صالحة في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فيقول الله تعالي ” يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ” وأما في القبر فسوف يرجع أهلك ومالك ولن يبقى معك إلا عملك، فإن كان عملك صالحا.

 

أتاك رجل حسن الوجه حسن الثياب حسن الريح، فتسأله من أنت؟ فوجهك الذي يأتي بالخير، فيقول أنا عملك الصالح، ولا أفارقك، وإن كان عملك خبيثا فسوف يأتيك رجل قبيح الوجه قبيح الثياب قبيح الريح، فتقول له من أنت؟ فوجهك الذي يأتي بالشر، فيقول لك أنا عملك السيئ ولا أفارقك، وليت أن الأمر ينتهي عند هذا الحد بل سوف تقف عاريا حافيا في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، يوم تدنو الشمس من رؤوس الخلائق على قدر ميل منهم، ويكون الناس في ذلك اليوم على قدر أعمالهم، فمنهم من يبلغ عرقه إلى كعبيه، ومنهم من يبلغ عرقه ركبتيه، ومنهم من يبلغ عرقه حقويه، ومنهم من يبلغ حنجرته، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما، فتفكر يا عبد الله يوم تقف بين يدي الله ليس بينك وبينه ترجمان، فتتلفت يمينا فلا تجد إلا ما قدمت، وتتلفت شمالا فلا ترى إلا ما قدمت. 

 

فتتلفت أمامك فلا ترى إلا النار، وقد غضب الرب غضبا لم يغضب قبله ولا بعده قط، فعجباً لك يا ابن آدم كيف تجتهد وتتعب وتنصب وتشقى من أجل خمسين أو ستين سنة في هذه الحياة الدنيا وهذا لمن بلغ الخمسين أو الستين ولا تجتهد ولا تعمل من أجل يوم واحد فقط مقداره خمسين ألف سنة، ومن أجل موقف خطير ومصير مجهول إما إلى نار وإما إلى جنة، فيقول الله تعالي ” من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد ” فاللهم اجعل خير أعمارنا أواخرها وخير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم نلقاك فيه، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم حرر المسجد الأقصى من براثن اليهود وارزقنا فيه صلاة مباركة قبل الممات، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أرنا في اليهود وأعوانهم من الصليبين يوما أسودا، اللهم زلل عروشهم ودمر عليهم مساكنهم واشف صدورنا فيهم. 

 

اللهم ردنا إليك واجعل توكلنا عليك واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين، اللهم وفق ولي أمرنا إلى ما تحبه وترضاه وارزقه البطانة الصالحة الناصحة، التي تعينه على الخير، وتدله عليه وربنا اغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم وتقبل منا إنك أنت السميع العليم.

شاهد أيضاً

الحرية الحقيقية والعصبيات النفسية

الحرية الحقيقية والعصبيات النفسية بقلم محمد عبدالمرضي    الحرية الحقيقية هي الانصياع للضمير البشري، أما …

( نساء بلا رجال )

( نساء بلا رجال ) بقلم د/صبرين محمد الحاوي   عزيزي القارئ السلام عليكم ورحمة …