وجعلنا لهم لسان صدق عليا
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي بين لنا أفضل المسالك وأحسن الآداب ووفق من شاء من عباده لسلوكها وهو الحكيم الوهاب وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وإليه المرجع والمآب، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي قام بالأخلاق الفاضلة، وأتمها، وحذر أمته من سفاسفها وأرذلها صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين تمسكوا بآدابه، وانتهجوامناهجه، وسلم تسليما أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية أن من الثمرات الفريدة والفوائد العديدة التي تعود على الصادقين في الدنيا والآخرة، ثقة الناس بالصادقين، وثناؤهم الحسن عليهم، كما ذكر الله عز وجل ذلك عن أنبيائه الكرام فقال تعالي ” وجعلنا لهم لسان صدق عليا ” والمراد باللسان الصدق هو الثناء الحسن كما فسره ابن عباس رضي الله عنهما، وأيضا من ثمرات الصدق هو البركة في الكسب والزيادة في الخير.
فعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو قال حتى يتفرقا فإن صدقا وبيّنا، بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا، مُحقت بركة بيعهما ” رواه البخاري ومسلم، وأيضا من ثمرات الصدق هو إستجلاب مصالح الدنيا والآخرة، حيث قال الله تعالى ” هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ” وكما أن من الثمرات الفريدة والفوائد العديدة التي تعود على الصادقين في الدنيا والآخرة، هو راحة الضمير وطمأنينة النفس، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الصدق طمأنينة، والكذب ريبة ” رواه الترمذي، وكما أن من الثمرات الفريدة والفوائد العديدة التي تعود على الصادقين في الدنيا والآخرة، التوفيق للخاتمة الحسنة لما ثبت في الحديث الذي أخرجه النسائي وغيره عن شداد بن الهاد رضي الله عنه.
أن رجلا من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه، ثم قال أهاجر معك؟ فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه، فلما كانت غزاته، غنم النبي صلى الله عليه وسلم، فقسم وقسم له، فأعطى أصحابه ما قسم له، وكان يرعى ظهرهم، فلما جاء دفعوه إليه، فقال ما هذا؟ قالوا قسم قسمة لك النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذه فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما هذا؟ قال “قسمته لك” قال ما على هذا اتبعتك، ولكن اتبعتك على أن أرمى إلى هاهنا وأشار إلى حلقه بسهم فأموت فأدخل الجنة، فقال “إن تصدق الله يصدقك” فلبثوا قليلا، ثم نهضوا إلى قتال العدو، فأتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحمل، قد أصابه سهم حيث أشار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “أهو هو؟” قالوا نعم، قال “صدق الله فصدقه ”
ثم كفّنه النبي صلى الله عليه وسلم في جبّته التي عليه، ثم قدّمه فصلى عليه، وكان مما ظهر من صلاته ” اللهم هذا عبدك خرج مهاجرا في سبيلك فقُتل شهيدا، أنا شهيد على ذلك ” فاتقوا الله عباد الله واعلموا بارك الله فيكم أن تقواه سبيل إلى مرضاته، ووقاية من عذابه، وإحذروا المعاصي فإنها موجبات لغضب الرب وأليم عقابه، وتدبروا كتاب ربكم وما فيه من آيات بينات تأمر بالمعروف بالمعروف، وتنهى عن المنكر بلا منكر، ويقول الحق تبارك وتعالى في الآية السادسة من سورة الحجرات ” يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهاله فتصبحوا علي ما فعلتم نادمين ” ومن المعروف عند أهل العلم أن لهذه الآية الكريمة قراءتان فقد قرأ الجمهور “فتبيّنوا” من التبيين، وهناك قراءة ثانية قرأ بها حمزة والكسائي وخلف جاء فيها ” فتثبتوا”
وهو من التثبت، وكلاهما صحيحتان وثابتتان، فالتبين، يحصل بعد التباس وغموض، ويقال تبيّن في الأمر والرأي أي تثبت وتأنى فيه ولم يعجل، وكذلك التثبت الذي يقصد به التحري والتأكد من صحة الخبر قبل قبوله أو نشره، والمعنى أن المراد بالتبيّن والتثبت هو التأني والتريّث والتيقن من صحة الخبر، وعدم الإستعجال في نقله وإشاعته أو بناء الحكم عليه قبل
تيقن صحته.