أخبار عاجلة

هذا الرجل أحبه

 

عنوان الحلقة: التريث

الحلقة 5

صباح اليوم التالي بعد سهرة أمس، كنت لا أزال نائما اتصلت بي مارينا وقالت: كسلان حبيبي، هيا علينا عمل كثير يجب إنجازه، يجب أن نذهب إلى دور الإعلانات التلفزيونية حتى ننجز لك أفلاما مناسبة للدعاية المتلفزة.

قلت أرجوك يا ماريا دعيني أنام، أنا لم أعد أحتمل كل هذا، ألا ترين؟

بالأمس التقينا صدفة، وخلال ساعات انتقلت من مجرد انسان عادي، إلى عازف تظنونه موسيقار كبير…

وتريدون أن تجعلوا مني مايسترو، اقود فرقة موسيقية في حفل كبير لناس ذواقة للفن الكلاسيكي…

أرجوكم ان تعذروني. أنا لا أقدر أن ألبي هذه المهمة. أخشى الفشل وسيكون ذلك صدمة كبيرة لوالدك، وسمعت مطعمكم، وتحطيما لحياتي المستقبلية…

قالت ماريا: يا حبيبي لا تخاف، أنت موهوب، فقط أخلع الخوف من قلبك، واتكل على الله وامضي…

قلت: طبعا سأتكل على الله، لكن بعدما اكون واثقا من ذاتي. وأدرس امكاناتي جيداَ، لا اريد قفزات سريعة. قد تحطمني، ألا ترين ماذا حدث بين أمس واليوم، أحسست بأنني تجاوزت مسافات بعيدة، تحتاج إلى وقت طويل حتى تحصل، فجأة وجدت نفسي خطيبا لملكة جمال، وأمثالي لا يتجاسرون حتى النظر إلى أمثالك. وفجأة أصبحت نجماً موسيقيا، وصار له معجبون…أرجوك يا ماريا دعيني أعيش حياتي بهدوء. وأحقق ذاتي بهدوء. أرجوك سامحيني أنا لا أقدر على هذا الحمل الثقيل، وبهذه السرعة الفلكية…دعيني أصدق إنني أقف على الأرض الصلبة، ولست تحمله السحب، قد تهطل الأمطار وأسقط انا واتحطم إلى الأبد…

قالت يا سمير أرجوك لا تخذلني، واجهشت بالبكاء.

تفاجأت بصوت والدتها على الهاتف، تدعوني إلى احتساء القهوة عندهم في المنزل.

قلت هذا يشرفني ويسعدني، ولكنني لا أعرف عنوان بيتكم

قالت ماريا: وانا لا أعرف عنوان بيتك، لكن ارجو ان القاك عند محطة المترو، تلك التي التقينا فيها لأول مرة هل تذكرها؟

منزل أهل مارينا يسمونه (ڤيلا)، في منطقة سكنية جميع المنازل فيها ڤيلات سكنية راقية في منطقة مشجرة وتحيط فيها الورود، غاية في الجمال وغاية في النظافة والرقي..

استقبلني الأب بحرارة في صالون المنزل وقال: ما هذا الذي اسمعه منك؟

قلت: أخشى يا سيدي أن أفشل. حينها أنت ستخسر مصداقية الناس، وانا أتحطم. وقد لا اتمكن من الظهور أمام الناس بعد ذلك…

قال الرجل: لقد كنت عظيما ليلة أمس في المطعم، ماذا حدث اليوم؟

قلت أمس تناسيت المكان، وتناسيت الزمان، وعشت في عالمي الخاص، وحيداً مع صديقي الكمان الذي يفهمني وأفهمه، كنا بمفردنا، ولم أكن اقود فرقة موسيقية. قيادة الفرقة الموسيقية تحتاج إلى مقدرات خاصة أنا لا لم اتمرن عليها بعد. علينا أن ندرس مقدراتنا الحقيقية قبل الخطوة الأولى… بعدها نتكل على الله ونسير…

قالت ماريا: وماذا عن عيد ميلادي الا تريد أن تحيي لي حفلتي التي حسبت بأنها ستكون مختلفة هذا العام؟

قلت: وهل أنا أقدر على الرفض في هذه الحالة، لكن أرجو أن تكون حفلتك عادية كما هي مقررة هنا بالمنزل، تابعي دعواتك كما كان مقررا، وانا سوف أعزف خصيصا لك، لأن الكمان خاصتي يفهمني وسينقل أحاسيسي إليك وأكيد سوف ينجح إن شاء الله لأن أوتار كماني صادقة مرتبطة بأحاسيس قلبي.

دخلت أم مارينا تدفع أمامها عربة انيقة، وعليها أقداح القهوة وبعض الحلويات الخفيفة…

وقفت لتحيتها، صافحتني وقالت اعتذر منك يا ابني. أمس لم اتمكن من المباركة لك بنجاحك. كنت متعبة ومشوشة الفكر. وسألتني عن بلدي وحال أهلي…

وماذا أخبرها عن بلدي وعن أهلي، قلت يا سيدتي والدي فلاح بسيط، والفقر يسكن ديارنا…

أنهيت دراستي هنا، وابحث عن عمل، ربما أستطيع أن أحول لهم مبلغاً قد يساعدهم في حياتهم…ولكنني لم أوفق حتى اللحظة.

قالت الأم مستغربة: لماذا إذن رفضت المبلغ الذي قدمه لك زوجي أمس وأنت في أشد الحاجة له؟

قلت: فرحتي في ماريا، أكبر من فرحتي بمال الدنيا كلها.

قال أبو ماريا اذهبي أنت سمير أريه الحديقة والفيلا

غرف واسعة منورة جيدا، ومفروشة فرشا نفيسا، عندما رأيت غرف النوم، دمعت عيوني وأنا أتذكر في أي حال ينام أهلي…

وتساءلت مع ذاتي: كيف سيكون موقف مارينا إذا أخذتها يوما لزيارة أهلي؟

كل هذا كان يزيدني خوفاً من المضي إلى الأمام…

 

كاتب القصة: عبده داود

إلى اللقاء في الجزء السادس 6

الحلقات السابقة تجدونها في مجموعة:

(هذا هو حبيبي، بقلم عبده داود)هذا الرجل أحبه

عنوان الحلقة: التريث

الحلقة 5

صباح اليوم التالي بعد سهرة أمس، كنت لا أزال نائما اتصلت بي مارينا وقالت: كسلان حبيبي، هيا علينا عمل كثير يجب إنجازه، يجب أن نذهب إلى دور الإعلانات التلفزيونية حتى ننجز لك أفلاما مناسبة للدعاية المتلفزة.

قلت أرجوك يا ماريا دعيني أنام، أنا لم أعد أحتمل كل هذا، ألا ترين؟

بالأمس التقينا صدفة، وخلال ساعات انتقلت من مجرد انسان عادي، إلى عازف تظنونه موسيقار كبير…

وتريدون أن تجعلوا مني مايسترو، اقود فرقة موسيقية في حفل كبير لناس ذواقة للفن الكلاسيكي…

أرجوكم ان تعذروني. أنا لا أقدر أن ألبي هذه المهمة. أخشى الفشل وسيكون ذلك صدمة كبيرة لوالدك، وسمعت مطعمكم، وتحطيما لحياتي المستقبلية…

قالت ماريا: يا حبيبي لا تخاف، أنت موهوب، فقط أخلع الخوف من قلبك، واتكل على الله وامضي…

قلت: طبعا سأتكل على الله، لكن بعدما اكون واثقا من ذاتي. وأدرس امكاناتي جيداَ، لا اريد قفزات سريعة. قد تحطمني، ألا ترين ماذا حدث بين أمس واليوم، أحسست بأنني تجاوزت مسافات بعيدة، تحتاج إلى وقت طويل حتى تحصل، فجأة وجدت نفسي خطيبا لملكة جمال، وأمثالي لا يتجاسرون حتى النظر إلى أمثالك. وفجأة أصبحت نجماً موسيقيا، وصار له معجبون…أرجوك يا ماريا دعيني أعيش حياتي بهدوء. وأحقق ذاتي بهدوء. أرجوك سامحيني أنا لا أقدر على هذا الحمل الثقيل، وبهذه السرعة الفلكية…دعيني أصدق إنني أقف على الأرض الصلبة، ولست تحمله السحب، قد تهطل الأمطار وأسقط انا واتحطم إلى الأبد…

قالت يا سمير أرجوك لا تخذلني، واجهشت بالبكاء.

تفاجأت بصوت والدتها على الهاتف، تدعوني إلى احتساء القهوة عندهم في المنزل.

قلت هذا يشرفني ويسعدني، ولكنني لا أعرف عنوان بيتكم

قالت ماريا: وانا لا أعرف عنوان بيتك، لكن ارجو ان القاك عند محطة المترو، تلك التي التقينا فيها لأول مرة هل تذكرها؟

منزل أهل مارينا يسمونه (ڤيلا)، في منطقة سكنية جميع المنازل فيها ڤيلات سكنية راقية في منطقة مشجرة وتحيط فيها الورود، غاية في الجمال وغاية في النظافة والرقي..

استقبلني الأب بحرارة في صالون المنزل وقال: ما هذا الذي اسمعه منك؟

قلت: أخشى يا سيدي أن أفشل. حينها أنت ستخسر مصداقية الناس، وانا أتحطم. وقد لا اتمكن من الظهور أمام الناس بعد ذلك…

قال الرجل: لقد كنت عظيما ليلة أمس في المطعم، ماذا حدث اليوم؟

قلت أمس تناسيت المكان، وتناسيت الزمان، وعشت في عالمي الخاص، وحيداً مع صديقي الكمان الذي يفهمني وأفهمه، كنا بمفردنا، ولم أكن اقود فرقة موسيقية. قيادة الفرقة الموسيقية تحتاج إلى مقدرات خاصة أنا لا لم اتمرن عليها بعد. علينا أن ندرس مقدراتنا الحقيقية قبل الخطوة الأولى… بعدها نتكل على الله ونسير…

قالت ماريا: وماذا عن عيد ميلادي الا تريد أن تحيي لي حفلتي التي حسبت بأنها ستكون مختلفة هذا العام؟

قلت: وهل أنا أقدر على الرفض في هذه الحالة، لكن أرجو أن تكون حفلتك عادية كما هي مقررة هنا بالمنزل، تابعي دعواتك كما كان مقررا، وانا سوف أعزف خصيصا لك، لأن الكمان خاصتي يفهمني وسينقل أحاسيسي إليك وأكيد سوف ينجح إن شاء الله لأن أوتار كماني صادقة مرتبطة بأحاسيس قلبي.

دخلت أم مارينا تدفع أمامها عربة انيقة، وعليها أقداح القهوة وبعض الحلويات الخفيفة…

وقفت لتحيتها، صافحتني وقالت اعتذر منك يا ابني. أمس لم اتمكن من المباركة لك بنجاحك. كنت متعبة ومشوشة الفكر. وسألتني عن بلدي وحال أهلي…

وماذا أخبرها عن بلدي وعن أهلي، قلت يا سيدتي والدي فلاح بسيط، والفقر يسكن ديارنا…

أنهيت دراستي هنا، وابحث عن عمل، ربما أستطيع أن أحول لهم مبلغاً قد يساعدهم في حياتهم…ولكنني لم أوفق حتى اللحظة.

قالت الأم مستغربة: لماذا إذن رفضت المبلغ الذي قدمه لك زوجي أمس وأنت في أشد الحاجة له؟

قلت: فرحتي في ماريا، أكبر من فرحتي بمال الدنيا كلها.

قال أبو ماريا اذهبي أنت سمير أريه الحديقة والفيلا

غرف واسعة منورة جيدا، ومفروشة فرشا نفيسا، عندما رأيت غرف النوم، دمعت عيوني وأنا أتذكر في أي حال ينام أهلي…

وتساءلت مع ذاتي: كيف سيكون موقف مارينا إذا أخذتها يوما لزيارة أهلي؟

كل هذا كان يزيدني خوفاً من المضي إلى الأمام…

 

كاتب القصة: عبده داود

إلى اللقاء في الجزء السادس 6

الحلقات السابقة تجدونها في مجموعة:

(هذا هو حبيبي، بقلم عبده داود)

شاهد أيضاً

حَكَمْتُ عَقْلِى فَى رَدٍّ عَلَى أَفْعَالِ أَلَانَذَالِ

حَكَمْتُ عَقْلِى فَى رَدٍّ عَلَى أَفْعَالِ أَلَانَذَالِ بِقَلَمِ : أَحْمَدَ سَلَامَةَ لِاتَحَسَبَنَّ صَمْتَى عَنْ رَدِّ …