أخبار عاجلة

نقد صراع الإيدلوجية والدين عند نيتشه قياسا على مقتل الشهيدة شيرين ابو عاقلة

بقلم على الحسيني المصري

يقول نيتشه أشعر أن على أن أغسل يدى كلما سلمت على أنسان متدين.
الفيلسوف الالمانى: (فريدريك نيتشه)
نعم نيتشه كان عنده حق ولكن من كان يقصد نيتشه ؟؟ ومن الذي كان في مخيلته عندما قال تلك العبارة؟؟؟
أظن ان هذا ما يجب أن يفكر فيه أغبياء الملحدين وأعداء الشرائع السماوية والأديان والمتشدقين بالعبارات بغير فهم وتعمق ؟ وإن يطرحوا على أنفسهم عدة أسئلة مهمة أولها –
هل كان نيتشه يقصد المتدين المعتدل والمتشدد الورع
أما كان يقصد المتشدد الديني النفعي المستغل الدموي؟؟
وهل كان يقصد أن يعترض على جرائم الكهنوت الكاثوليكية في اوروبا والعالم في العصور الوسطى وأبان عصر النهضة أم أنه كان يقصد أن يهاجم المتحفظ الأرثوذكسي الذي كان يقبع بجواره في روسيا؟
أم أنه كان يقصد علاقة كلا الطرفين بالثيوقراطية والاتوقراطية؟؟؟
وماذا كان سيكون رأي نيتشه لو انه امتد به العمر وحضر ما فعلته النظم المكارسية والنازية والشيوعية والصهيونية من مذابح مروعة بالعالم ؟!!!!
وما حدث من إلقاء قنابل ذرية بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية على اليابان وتهديدها للعالم كله
بالأسلحة البيولوجية والكيماوية والذرية وماذا كان رأيه في جرائم الديمقراطيات الفرنسية والأوروبية في زمانه
مما نتج عنه مذابح في الجزائر والهند والصين
ثم ما حدث بعد ذلك من حربين عالميتين في القرن العشرين
وإلقاء أمريكا القنبلة الذرية على اليابان لأنها كانت ذات سياسة توسعية على حساب جارتها الصين وكوريا في الشرق الأقصى
ثم ما حدث بعدها من حروب في كوريا وتحول أمريكا نفسها للفكر الامبريالي ما بين ليلة وضحاها وماذا كان سيكون رأيه في ما أقدمت عليه انجلترا من وعد بلفور ١٩١٧ واعترافها بوطن قومي لليهود على أرض فلسطين مما يعتبر اعتداء سافر على حقوق الشعب العربي الفلسطيني دون أي وجه حق
ثم ما حدث بعد ذلك من مساندة أمريكية للصهيونية على طول الخط سواء كان الصهاينة محقين أو غير محقين
ولا شك أن هذا التاريخ الملئ بالإخفاقات على المستوى الأخلاقي والأدبي هو من جعل القرن العشرين أكبر قرن حدثت به المذابح في عمر البشرية كلها بل هو قرن المذابح بمعنى الكلمة/ بل هو أكثر القرون التي تخبطت فيه البشرية
تخبطا أعمى وهي تدعي أنها على أحسن ما تكون من سلامة الرؤيا ولكن هيهات –
فنيتشة المتألم الصادق الذكي لم يكن ليرى مثلما يرى المتشدقين بالعبارات ذوي النظرة الضيقة والاهتمام الضيق المبني على التعصب الأعمى للحضارة الغربية بل إنه كان سيرى أن ظهور الأصولية الدينية مرة أخرى بقوة
هو نتيجة طبيعية لإخفاقات الايدلوجيات الوضعية من شبوعية واشتراكية وديمقراطية. ونازية وفاشستية وديكتاتورية وصهيونبة منذ القرن التاسع عشر وحتى القرن العشرين ومرورا بالقرن الواحد والعشرين
لأن هذه الإخفاقات جعلت تلك الايدلوجيات منتقصة في عيون الكثيرين مما دفعهم لاعتناق الأصولية الدينية المتشددة مرة أخرى لأنهم رأو في تلك الأصولية المتشددة بعض النبل والخلق الذي يراهما اللهفان لمع حقيقي ولكن ذلك لا يعني أن معدن التشدد الأصولي نفيسا لأن الجوهر الحق هو في الاعتدال وفي احتواء الآخر المختلف سلميا بغير استخدام العنف مما يجعل المجتمع ذو قدرة على التعايش السلمي

كما أن التاريخ اثبت أن تلك الايدلوجيات هي من سعت
لعودة الأصولية الدينية المتشددة بقوة بسبب لهاثها خلف اطماعها ومصالحها وبسبب جشعها الاستغلالي الامبريالي
وحتى نظرية نيتشه عن الإنسان الكامل تم دحضها بنظريات علماء علم النفس ونظرية التطور
والنظريات الفسيلوجية الجديدة ولم تصبح إلا خيال سينمائي وكرتوني ولم تنتصر الا نظرية الشخص الضعيف الذي يحتاج للمساعدة طالما هو بمفرده وإلا ستلتهمه الجماعات الأخرى . ويبقى هنا أهم سؤال وهو
هل يجب على الأصولي المتدين أن يقدم خدماته مجانا حتى يرضى عنه الناس ام يجب أن يُعطى كل ذي حق حقه؟؟ فإذا كان العالم يوجب على المتدين أن يأخذ منه الناس مجانا فلماذا لا يوجب ذلك على أصحاب الايدلوجيات!!! ولماذا أصحاب الايدلوجيات يحاربون حتى على ثمن الكلمة!!!!
وإذا كان يوجب على المتدين أن يكون معتدلا ومحبا ومتسامحا ومسالما فلماذا لا يوجب ذلك على أصحاب الايدلوجيات أيضا حتى يحتوي كل منهما الآخر ويعيش العالم في سلام… وهل حقا العرب قوم لا يستوعبون الحقيقة، والواقع بسهولة كما يظن الغرب ام ان الغرب هو الذي لا يستوعب إلا. نظرية الاستيلاء على حقوق الشعوب واستغلالها
وإنه مهما تلون ومهما أعجب بفلسفات الشرق فإنه لن يتحرر ابدا من الإرث الصليبي ومن التعالي العرقي الذي يجعله خادما للصهيونية ذات الأصول الأوربية؟
ولا شك في أن إجابة تلك الأسئلة ستقودنا الي أن سر تمزق البشرية ليس التدين ولا الإيدلوجيات ولا الاختلاف لأن الاختلاف رحمة من الله تعالى بالناس جميعا
بل إن سر شقاء البشرية هو إعجاب كل ذي رأي برأيه واتباع كل ذي هوى هواه والمحاولة الدؤبة من أجل الانتصار للقبيلة إذا كانت محقة أو غير محقة وإنما الأهم هو أن تكون احد افخاذ تلك القبيلة وتربطك بها صلة الدم والنسب
وعلى ذلك فإن رفض الحقيقة والحق والعدل وتقبل الوهم هم أهم نتائج الإعجاب المغرور بالنفس . مما يجعل الناس فرائس للكراهية وللتعصب وللتمزق وللأذدواجبة وكأننا الان نسمع أرسطو يحث الإسكندر على غزو العالم لأن الإغريق هم الأفضل بين الجنس البشري!!
و هذا الغرور والإعجاب بالنفس هو ما أودى بالجماعات القديمة مثل عاد وثمود والفراعنة والأغريق والرومان
والفرس إذ أن من هذا الغرور ظهرت نظرية تأليه الملوك والزعماء والمفكرين والصالحين والفنانين والعباقرة والافاقين
ومن هذا الغرور أيضا ظهرت نظرية اضطهاد الآخر على معتنقه واعتفاده.. وما شجع الناس على ذلك في الأزمان الغابرة إلا إعجابهم بأنفسهم وغرورهم في قبائلهم وذلك طبيعي لأن إعجاب الإنسان بنفسه وغروره في نفسه لا يؤدي به إلا أنه سيكره ويحتقر غيره لدرجة تجعله أعمى عن
وجوب مراعاة حقوق الآخر. ويصبح جاهلا بمدى أهمية أن يشعر في قلبه بمحبة الناس بالنسبة له وبالنسبة للمجتمع
ولا يستطيع أن يحتوي الغريب والمختلف إلا عبر طريقي إذلاله واخضاعه بالعنف أولا وأخيرا
وأظن انه لتلك الأسباب التى نئ عنها الضمير العالمي في العصور القديمة كانت رسالة سيدنا عيسى هي رسالة محبة وسلام وكأنها تقول أحب الآخر أقصى ما تستطيع واحترم الآخر بقدر ما تستطيع
وهذا ما دعى إليه الإسلام أيضا ومعظم الأديان ذات الأصول السماوية ولكن يبدو أن دعاة الأنانية والعنصرية اجتهدوا عبر التاريخ ليخفوا ذلك عن الناس بل واجتهدوا من أجل أن يزرعوا الكراهية والشقاق بين الناس لا لشئ إلا أن يسودوا الناس ..

ولو اننا بحثنا في الأديان لوجدنا أن الدين اكتشف،ذلك الأمر الحق قبل نتشه وقبل الفلاسفة وقبل الايدلوجيات بل إن نتشه نفسه استمد كثير من أفكاره من بوذا وزرادشت ومن أصول إسلامية عربية

ولكن الإنسان لم يضع عينه على فكرة الغرور الجماعي فلسفيا وادبيا بطريقة تجعل هذا الأمر منحوت في الثقافة الانسانية عند كل جماعة
من الجماعات البشرية بحيث لا تستذل أو تضل عنه

بل إن الإنسان لم يتعلم حتى الآن أنه إذا كان يحب الرومانسية فليحبها كما شاء ولكن عليه أن لا يجعلها اعتقاد مقدس في واقعه إلا فيما يتعلق فيما يخصه من أمور عاطفيه يحس بها نحو من أحب ولكن عليه عندما يتعامل مع غيره من الناس أن يكون واقعيا صرفا
ومنصفا صرفا ومعتدلا ومسالما بقدر ما يستطيع.

وأنه إذا كان حقا هم الإنسان هو سلامة ضميره واعتداله ما كان يمكن أن تغتال امرأة مثل شيرين ابوعاقلة بتلك الطريقة الغادرة المروعة التي تجلب العار والخزي لكل من أمر بها وكل من نفذها ٠ لان من اغتالها قام بذلك تسترا على جرائمه
ولو كان على حق ما أقدم على قتلها!
ثم يحدث بعد ذلك أن يتم الاعتداء على جنازتها من قبل من اغتالها أمام أعين العالم . فذلك الفعل المشين لا يستطيع أن يقبل على فعله إلا مسخ ليس هو بالاصولي ولا بألإيدلوجي الشريف وذلك لأن العالم المتحضر الذي يدعي حب الإنسان واحترامه لم تعد له هيبة في أعين المسوخ من حلفائه لأنه مذدوج ومنافق لحد الملل

بقلم على الحسيني المصري

شاهد أيضاً

حوار حول: “السرقات الأدبية: بين الأمانة الفكرية والإبداع المزعوم: حوار نقدي مع الدكتور السيد إبراهيم والكاتبة روعة محسن الدندن”  

أدارت الحوار: الإعلامية والأديبة السورية روعة محسن الدندن – مديرة مكتب سوريا للاتحاد الدولي للصحافة …