بقلم الإعلامية نور صبحي – كندا
في عالم تتداخل فيه الأصوات وتتكرر فيه الألحان، تطلّ نسرين الصويعي كنسمة موسيقية نادرة، تحمل في صوتها وجدانًا كاملاً، وتغني لا لتُطرب فقط، بل لتُعبّر، لتُحب، لتشفي، وتعيش.
نسرين، الفنانة التونسية الكندية، وُلدت في عائلة موسيقية عريقة، حيث كان الفن لغة البيت، والموسيقى طقسًا يوميًا. جدّها، العازف والفنان، أضاء لها الطريق مبكرًا، وإخوتها الذين تنوّعت آلاتهم بين القيثارة الإلكترونية والـ”أورغ”، كانوا شركاء النشأة واللحن. أما البيانو، فكان ملاذها الخاص، وعشيقها الذي رافقها في لحظات الهدوء والصخب على حد سواء.
منذ أيام الدراسة الابتدائية، كانت نسرين تغني، لا لتُظهر موهبتها فقط، بل لتُفرغ ما في داخلها. فالغناء بالنسبة لها ليس مجرد أداء، بل هو حياة تُعاد صياغتها كل مرة من جديد. تقول: “عندما أغني، أشعر أني كتلة من الإحساس، أعيش الحب والحزن والفرح مع كل نغمة، أخرج كل ما في داخلي، فأرتاح.”
ورغم دراستها في مجال الهندسة الكهربائية، فإن الفن ظلّ أقوى من كل شيء. هو ليس هواية في حياتها، بل نبض دائم، ونداء لا ينطفئ.
منذ وصولها إلى كندا، لم تتوقف نسرين عن الغناء والمشاركة في الفعاليات والمهرجانات. لمع اسمها في مهرجان الياسمين التونسي، وشاركت في العديد من العروض في تورونتو، ضمن فرقة Arabest بقيادة المايسترو مصطفى. ومن أبرز حفلاتها مؤخرًا، عرض “مسكة” للفن التونسي الأصيل، الذي حقق نجاحًا كبيرًا وترك في الجمهور أثرًا لا يُنسى.
اليوم، تعمل نسرين على إصدار أول ألبوم لها، تُودع فيه قلبها، وإحساسها، وشغفها الكبير بالموسيقى. لا تسعى فيه إلى الشهرة بقدر ما تسعى لأن يصل صوتها إلى من يُقدّر الإحساس الحقيقي.
ما يميّز نسرين ليس فقط خامة صوتها، بل صدقها، وبساطتها، وروحها العفوية. هي “مجنونة موسيقى” كما تحب أن تصف نفسها، لا تؤمن إلا بما ينبع من القلب، ولا تقدم إلا فناً يعكس طيبتها وأصالتها. تغني كما لو أنها تبوح، وتبوح كما لو أنها تصلّي بلغة النغم.
نسرين الصويعي ليست مجرد فنانة…
هي حالة فنية صادقة، نابعة من قلب دافئ، وموجة إحساس تنساب بسلاسة، فتعبر إلى القلوب دون استئذان.