مشاركة واسعة في ندوة “السياسات الدولية لمكافحة التطرف والإرهاب ٢٠ عاماً بعد هجمات ١١ سبتمبر: بين الواقع والمأمول »
كتب :إبراهيم عمران
في إطار الحملة الأوروبية لمكافحة التطرف والإرهاب شهدت منصة « زووم » ندوة بعنوان « السياسات الدولية لمكافحة التطرف والإرهاب ٢٠ عاماً بعد هجمات ١١سبتمبر ما بين الواقع والمأمول ». وقد نظم هذه الندوة التجمع الأوروبي لمكافحة التطرف والإرهاب بالتعاون مع مكتب معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، والمعهد النمساوي للعلاقات الدولية في فيينا، والمركز الحكومي الأوروبي للتواصل الإستراتيجي في بروكسيل، وجمعية الصحافة الأوروبية للعالم العربي في باريس، والأكاديمية الأوروبية للتنمية والبحوث في بلجيكا.
وقد تميزت هذه الندوة بمشاركة اكثر من ١٠٠ شخصية من الأكاديميين والسياسيين والمختصين والدبلوماسيين من أكثر من عشرين دول حول العالم، منها الولايات المتحدة الاميركية، دولة الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية، فرنسا، اسبانيا، وبلجيكا، إيطاليا، النمسا، وألمانيا والسويد من بينهم: صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل، رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في ابو ظبي، معالي جيل دي كيرشوف، المنسق السابق لمكافحة الإرهاب في الإتحاد الأوروبي، سعادة لينكولن بلومفيلد جونيور، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق لنائب الرئيس الأميركي السابق، معالي جينارو ميليوري، عضو البرلمان الإيطالي، رئيس الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، سعادة تشارلي ويمرز، العضو السويدي في البرلمان الأوروبي، الدكتورة إيفا ساينز دياز الباحثة في معهد جيرماك في جامعة لوفان الكاثوليكية، دوغ باندو، كبير محللي الشؤون السياسية والدولية في “معهد كاتو” للدراسات في الولايات المتحدة الأميركية، الدكتورة دانييلا بيسويه، كبيرة باحثي المعهد النمساوي للعلاقات الدولية في فيينا، الدكتور ماغنوس نوريل الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.
وقدمت الندوة قراءة معمقة في السياسات الدولية في مواجهة التطرف الإرهاب خلال السنوات العشرين الماضية والتحولات الدولية في هذا الإطار خاصة لجهة دور التعليم والجهود الفكرية لمكافحة هذه الآفة إضافة إلى الحاجة الملحة لتكثيف الجهود الدولية لمكافحة خطاب التطرف والكراهية الذي يهدد المجتمعات الإنسانية. وقد أشاد المشاركون بجهود دولة الإمارات العربية المتحدة في مكافحة التطرف وتعميم سياسات التسامح والحوار، وبجهود معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي في هذا الإطار، وبالأخص كتابه « السراب » الذي رشح لجائزة نوبل للآداب لعامي ٢٠١٩ و٢٠٢٠.
في البداية، أكد الدكتور نضال شقیر الإستشاري الحكومي الاستراتيجي وأستاذ التواصل الاستراتيجي والعلاقات الحكومية في باريس على ضرورة مواصلة وتكثيف الجهود الدولية لمكافحة التطرف والإرهاب بالإضافة إلى تعزيز السياسات الدولية لمكافحة خطاب التطرف والكراهية الذي ازداد بشكل كبير في الآونة الاخيرة. وأضاف الدكتور شقير أنه « اليوم وفي ظل انتشار خطاب التطرف والكراهية بشكل غير مسبوق يجب إعطاء الأولوية لتشجيع الجهود الفكرية والتعليم الوقائي، ودعا باسم المشاركين الحكومات الى صياغة مواد تعليمية خاصة بمكافحة التطرف والإرهاب وإدخالها في المناهج التعليمية ». أستاذ التواصل الإستراتيجي والعلاقات الحكومية في باريس، اشاد بجهود دولة الإمارات العربية في مكافحة التطرف والإرهاب واعتبر أن « جهود أبوظبي الحثيثة في هذا الإطار هي جهود مقدرة وتعتبر بمثابة مثال يحتذى به خاصة لجهة تعميم ثقافة التسامح والحوار».
من جانبه أشار صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل في كلمته إلى الإجراءات “الناعمة ” التي اعتمدتها المملكة العربية السعودية ضمن استراتيجية إصلاح شاملة تبنتها الدولة في حربها ضد الإرهاب والتطرف وشملت برنامج تأهيل فكري، مع أولوية للتعليم، بالإضافة إلى وضع آلية لكيفية تعامل المؤسسة الدينية في المملكة العربية السعودية مع دورها في مكافحة الإرهاب. حيث أصدرت القيادة الدينية العليا في البلاد، المعروفة بإسم مجلس كبار العلماء، فتاوى تدين الإرهاب بشدة. كما تم اتخاذ المزيد من الخطوات لتعزيز اليقظة على المستوى المحلي من خلال إنشاء المركز العالمي لمكافحة التطرف « إعتدال »، وإستخدام كافة المنابر الإعلامية لإدانة فكرة الإرهاب والأعمال الإرهابية والتأكيد على المعنى الحقيقي للإسلام كدين للسلام والرحمة والتسامح ».
من جهته، ثمن معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي جهود دولة الإمارات العربية المتحدة التي أطلقت سلسلة من المبادرات والمشاريع تعزيزاً للحوار بين مختلف الثقافات والحضارات وترسيخاً للتسامح والاندماج. وقال “نحن نركز على الأهداف التشريعية والسياسات التي تساهم في فرض التسامح الثقافي والديني عبر الحوار. نشيد بدور المثقفين في محاربة انتشار التطرف من خلال معالجة الفكر المتطرف من خلال الخطاب المعتدل. وأضاف السويدي « سّلط كتاب السراب الذي رشح لجائزة نوبل للآداب لعامي ٢٠١٩ و٢٠٢٠، الضوء على كفاح العالم العربي والإسلامي ضد تصرفات الحركات المتطرفة التي تستعمل الدين كاداة لتشكيل تهديدات عسكرية وأمنية ». وشدد « لا يمكنك قتل الأيديولوجيات المتطرفة برصاصة. لهذا السبب تحتاج الحكومات اليوم إلى استراتيجيات جديدة قائمة على المشاركة المجتمعية والشراكة لمنع خطاب التطرف والكراهية”.
اما معالي جيل دي كيرشوف، المنسق السابق لمكافحة الإرهاب في الإتحاد الأوروبي فشدد على أهمية استخدام التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي لمواجهة الإرهاب الإلكتروني وخطاب الكراهية المنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، لافتاً إلى أنه منذ هجمات ١١ سبتمبر ٢٠٠١، نجح العالم إلى حد ما في دعم خطاب بديل أو موازي للخطاب المتطرف. وقد اشاد بالنموذج الإماراتي بمكافحة التطرف والإرهاب، وبدور أبوظبي في تعميم سياسات الحوار والتسامح لمكافحة خطاب التطرف والكراهية.
في المقابل، دعا سعادة لينكولن بلومفيلد جونيور مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق لنائب الرئيس الأميركي السابق إلى إعادة النظر في عمل المؤسسات العقابية والسجون التي باتت حاضنة للفكر الإرهابي وضرورة إصلاح النظم القضائية عبر تشريعات جديدة وأهمية نشر خطاب بديل للأفكار والأيديولوجيات المتطرفة لمحاصرتها ومنع انتشارها.
جينارو ميليوري عضو البرلمان الإيطالي ورئيس الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط شدد على أهمية إيجاد آليات تستند على مكافحة الفساد والمجموعات المتطرفة على حد سواء معتبراً أن هذه الظواهر باتت عابرة للحدود إلى حد كبير وتهدد أبسط حقوق الإنسان فالإرهاب لا دين له ولا عرق ولا حدود. هذا فيما ميّز سعادة تشارلي ويمرز العضو السويدي في البرلمان الأوروبي بين خطاب التطرف العنيف والهادئ داعياً إلى مكافحة الإثنين عبر التشريعات والقوانين وتجفيف التمويل مشيداً بجهود أبوظبي في مكافحة التطرف العنيف عبر المناهج التربوية، ونبذ الراديكالية في السجون، ودعم ضحايا الإرهاب وتعميم ثقافة الحوار والتسامح.
في المقابل دعت الدكتورة ايفا ساينز دياز الباحثة في معهد جيرماك في جامعة لوفان الكاثوليكية إلى ضرورة إعادة النظر في المناهج التعليمية ومحتواها لافتة إلى أن التعليم هو ركيزة أساسية للحد من التطرف والإرهاب، وأشادت بالتجربة الإماراتية في هذا الإطار. وفي نفس السياق دعت الدكتورة دانييلا بيسويه، كبيرة باحثي المعهد النمساوي للعلاقات الدولية في فيينا إلى ضرورة تعزيز الجهود الدولية في هذا المجال، وإلى ضرورة التحرك الجدي والفوري لمكافحة خطاب التطرف والكراهية.
وفي النهاية ركز دوغ باندو، كبير محللي الشؤون السياسية والدولية في “معهد كاتو” للدراسات في الولايات المتحدة الأميركية، على أهمية أخذ العبر من تجارب السنوات الماضية في مكافحة التطرف والإرهاب، والتوجه نحو تطوير سياسات دولية جديدة أكثر فعالية تعتمد على التعليم والخطاب البديل لمكافحة هذه الآفة. هذا فيما شدد الدكتور ماغنوس نوريل الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى على أهمية دور المفكرين في تعريف المجتمع على حقيقة التطرف داعياً الى الإستفادة من كتاب « السراب » لمعالي الاستاذ الدكتور جمال سند السويدي لما يشكله من تجربة ناجحة وهامة في هذا الإطار.