قصة / عبده داود
نتالي طالبة 2021
الطالبة نتالي من أصل هولندي، تقطن مع أهلها بأحد أحياء نيويورك، انهت المرحلة الثانوية بتقدير ممتاز.
إحدى الجامعات في فيلادلفيا عرضت عليها منحة دراسية مجانية تتضمن إقامة كاملة في الحرم الجامعي.
الأسباب الداعية لذلك، بعض الجامعات الخاصة تحرص أن يتخرج فيها طلبة متفوقين، فيكونون دعاية جيدة للجامعة ذاتها…
اسكنوا نتالي غرفة مع طالبتين مقيمتين يدرسان على حسابهما الخاص…
بطلة قصتنا، مجدة وتحاول دائما أن تحافظ على مرتبة متفوقة في نتائجها، لذلك كانت حريصة على كل دقيقة من وقتها، بينما زميلتيها في الغرفة، لا يهمهما التفوق بقدر ما يهمها أن تعيشا حياة الصخب، أو بمعنى أوسع حياة الفلتان الشبابي، الذي يسمونه حرية الإنسان …
تدخنان الممنوعات، تشربان الخمر حتى تنتشيان، تثرثران مع الشباب، ترقصان بجنون. تسهران في الشوارع…تتبجحان بأنهما تعيشان الحياة. ولا تكفان عن الثرثرة والإزعاجات في الجامعة…
كانت نتالي تهرب الى مكتبة الجامعة كي تدرس بعيداً عن جو الغرفة المشتركة، لكن المشكلة المكتبة تغلق أبوابها في العاشرة ليلاً، وكثيرا من الأوقات لم تتمكن نتالي من أن تنهي دراستها اليومية في المكتبة، لذلك كانت تحاول أن تنهي وظائفها في الغرفة بجهد مع هذا الصخب واللامبالاة.
ذات يوم سبق عطلة استثنائية، نتالي اخبرت زميلتيها بأنها ذاهبة لتزور أهلها…
تفاجأت بأنهم غير موجودين، قال الجيران إنهم ذهبوا الى ميامي للمشاركة في عرس لأحد أقربائهم الهولنديين في حفلة سيحضرها الرئيس السابق جورج بوش.
تخوفت نتالي من أن تنام في المنزل بمفردها، لذلك ركبت القطار وعادت ادراجها الى جامعتها…
عندما فتحت باب غرفتها، أرعبها زميلتيها تجالسان شابين في الغرفة، وكانوا في أوضاع غير مسموحة قطعياً في الحرم الجامعي…
قالوا لها أذهبي وعودي في الصباح، أو نحضر لك شاباً تتسلي معه…
خرجت نتالي من الغرفة باكية، وذهبت الى غرفة صديقات لها في غرفة مجاورة، ونامت عندهم تلك الليلة على كنبة…
في الصباح تحت الحاح زميلاتها، تقدمت بشكوى الى إدارة الجامعة…
جرت تحقيقات انتهت بفصل الطلبة الأربعة من الجامعة لمدة أسبوع، وهي عقوبة مخففة نظرا لعلاقة عميد الكلية الطيبة مع أهالي البنتين. لكنه قال: في حال تكرار مثل هذا الفعل، سيتم فصلكم جميعا فصلا نهائيا من الجامعة.
دارت الفضيحة بين الطلاب، الصحيفة الجامعية نشرت الخبر حتى تجعله رادعاً لعدم تكرار مثل هذا الأمر في الحرم الجامعي…
قررت المفصولتان أن ينتقما من نتالي انتقاما يصيبها في الصميم…وبذلك يتخلصان منها إلى الأبد…
بدأت المؤامرات تحاك ضدها خلف الكواليس،
لم تكترث لأنها مؤمنة بالله تقول:
(كن مع الله ولا تبالي)، (لا يصيبكم إلا ما كتبه الله لكم).
دخل شرطيان قاعة المحاضرات، وتهامسا مع الأستاذ المحاضر، والأستاذ طلب نتالي أن تأتي إليهم.
وضع شرطي الأصفاد في يديها فوراً، بينما الثاني كان يفتشها ربما هي تحمل سلاحاً او ممنوعات معها
سأل الدكتور المحاضر الشرطيين ماذا هناك؟ قالا له بان هذه الفتاة تبيع المخدرات في الحرم الجامعي؟
قال الدكتور: هذا مستحيل، أنا اشك في نفسي، ولا أشك في نتالي، هذه الطالب قمة في الأخلاق العالية…
قال شرطي: لقد وجدنا هذه المخدرات في خزانتها، طالبات تقدمن بشكوى الى مركز الشرطة بهذا الأمر.
ضج الطلبة في المدرج، وأغلب الطلبة صاحوا هذه مؤامرة، بعضهم أدرك بان هذه مؤامرة من صناعة زميلتيها في الغرفة..
سحب الشرطة نتالي إلى السجن، جميع الطلبة في الكلية خرجن في شبه مظاهرة يطلبن التحقيق الفوري في الأمر وإطلاق سراح زميلتهم…
نتيجة التحقيقات الدقيقة، تعرفت الشرطة على الفاعل
واقر الطالب بفعلته، واعترف بان زميلتي نتالي هما اللتان دفعتاه أن يضع المخدرات في خزانتها مقابل مبلغ من المال…
اخذت الشرطة الفتاتان والشاب وادخلوهم السجن، والجامعة طردتهم نهائياً ودمغت ملفاتهم بالمهر الأحمر اشعارا للجامعات بعدم قبولهم فيها لسوء اخلاقهم…
وجرت محاكمات مكثفة، اداروها محامون عديدون، وجلبوا شهود، واحضروا أطباء وخبراء في علم النفس،
وأخذت المحاكمة دورا كبيرا.
أخيراً. حان موعد النطق بالحكم، جاء عديدون من الجامعة إلى المحكمة بانتظار آخر الأحداث.
توقع الجميع عقوبات سنوات سجن طولية للطلبة، وكان الحكم مستغرباً تماماً عشر سنوات سجن للطلبة، وعشر سنوات على أهل الفتاتين. أو دفع غرامة كبيرة من المال عوضاً عن السجن…
وكانت أسباب الحكم الداعي بأن أهل الطالبتين هم الذين أفسدوا تربية البنتين بالدلال المفرط، غير المسئول واعطائهم المال بسخاء لا لزوم له…
وخفف الحكم على الشاب، لأن تصرفه كان نتيجة احتياجه للمال لأجل علاج والدته…
تخرجت نتالي من الجامعة بتفوق، ابقتها الجامعة معيدة مقيمة بالكلية… واستمرت في الدراسة حتى حصلت على شهادة الدكتوراه، وتعينت أستاذة ذات كرسي، واحدة من مجلس إدارة الجامعة الأعلى.
الطالبتان اللتان ما زالتا في السجن ترجوا الدكتورة نتالي حتى تسقط حقها، قالت نتالي الأمر ليس بيدي، أنا سامحتهما لكن الأمر بيد الشرطة، هي التي حكمت، أنا أشفق عليهما كثيرا لأنهما ضيعا مستقبليهما بحماقتيهما من أجل فوضى فكرية تصوراها هي الحياة.