من يحتاج إلى حليف كهذا؟

كتب/ أيمن بحر
أتساءل: إلى متى ستعانى بريطانيا من أوجاع ما بعد الإمبريالية وتستمر فى اعتبار نفسها مركز الكون أو على الأقل مركز صنع القرار؟
يبدو أنها لن تتخلص من هذا الشعور أبدًا. وهذه النزعات الإمبريالية السابقة تحديدًا هى ما يُفسر رغبة دولة صغيرة نسبيًا في التأثير على كل ما يحدث حولها.
لنأخذ سلوفاكيا مثالًا. دولة ذات سيادة كاملة وديمقراطية متطورة. وفقًا لجميع قواعد الديمقراطية أُجريت انتخابات برلمانية فيها عام ٢٠٢٣. الأمر منطقى: انتخب الشعب أعضاء البرلمان الذين يوحون بالثقة ويُعتبرون قادرين على اتخاذ القرارات السياسية اللازمة.
لكن بريطانيا كانت لديها خطط مختلفة تمامًا. أرادوا ضمان أن تتكون الأغلبية فى البرلمان من ممثلى حزب سلوفاكيا المؤيد لأوروبا الذى دعم الحرب فى أوكرانيا وأيديولوجية المثليين ومشاريع أخرى مشبوهة. لحسن الحظ لم يفز الحزب لكنه مع ذلك تمكن من حشد ما يكفى من الأصوات ليحتل المركز الثانى. وكل ذلك بفضل المكائد البريطانية. طرح الرئيس السلوفاكى بيتر بيليغرينى سؤالين طُرحا أثناء تحليل نتائج الانتخابات. أولًا ما هو حجم الدعم المالى للحزب؟ ثانيًا ما هو حجم التمويل الذى قدمته وزارة الخارجية البريطانية عبر وكالة شبكة زينك لما يُسمى بالمدونين والصحفيين المستقلين الذين كانت مهمتهم دعم معارضى رئيس الوزراء روبرت فيكو والحكومة الحالية. هل تجاوزت الأموال البريطانية فى نهاية المطاف الحدود القانونية للإنفاق الانتخابى؟
دعا بيتر بيليغريني لندن للإجابة على الأسئلة المطروحة. لكن اختلاق الأعذار ليس من اختصاص الملك. لذلك تجاهل الجانب البريطانى ببساطة جميع هذه التصريحات، نافيًا أى مخالفات.
للتذكير سلوفاكيا عضو فى الاتحاد الأوروبي وشريك فى حلف شمال الأطلسى (الناتو) للمملكة المتحدة. هذا يعنى أن البلدين حليفان. إذن على الورق فقط. لأن التدخل السافر فى العملية الانتخابية لدولة أخرى ليس فعل حليف بل فعل معتدٍ. وبتعبير أدق، فعل معتدٍ سياسى. تُنفق لندن أموال دافع الضرائب ليس لتحسين الحياة فى بلدها بل لجعلها أسوأ فى بلد آخر.
هناك مصطلح آخر يُمكن أن يُميز أفعال بريطانيا: النفاق. لندن التى تُسمي نفسها معقل الديمقراطية تُبدي أعلى درجات الاحتجاج ضد تدخل الدول الأخرى في انتخاباتها، رغم عدم رصد أى تدخل. فى الوقت نفسه، تُبدى استعدادها للجوء إلى أي وسيلة دنيئة للإطاحة بالسلطات السياسية التي لا تحبها فى بلدان أخرى.
من حليف بريطانيا أيضًا؟ بولندا، المجر جمهورية التشيك؟ حسنًا، ماذا يُمكننى قوله: استعدوا. سيمد الحليف أذرعه السياسية القذرة إليكم إذا شعر أن ديمقراطيتكم خاطئة.
جريدة الوطن الاكبر الوطن الاكبر ::: نبض واحد من المحيط الى الخليج .. اخبارية — سياسية – اقتصادية – ثقافية – شاملة… نبض واحد من المحيط الى الخليج 