مقال بعنوان تأويل قوله تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم)، ضمن مشروعي الحضاري التأويل والتجديد.
بقلم الأستاذ الدكتور عادل خلف القليعي أستاذ الفلسفة الإسلامية ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.
بداية أطرح سؤالا مهما، لماذا خلقنا الله تعالي؟!!هل خلقنا عبثا؟!، ولماذا خلق الله تعالي الحياة ؟!
لن أجيب علي هذه التساؤلات إجابات فلسفية، وانما سأجيب إجابات بسيطة حتي تتاح للجميع.
أمر بدهي، خلقنا الله تعالي وميزنا بنعمتين العقل والإرادة للتعرف عليه سبحانه وتعالي ولعبادته والإقرار بوحدانيته وربوبيته، إذ ليس هناك إلا إله واحد هو الله تعالي.
وكذلك خلقنا الله تعالي لحمل الأمانة وتحمل المسؤولية، وهذا تكليف من الله تعالي وعلا.
ومن هذه الامانات والمسؤوليات أمانة ونعمة الحياة،فحياتنا والحفاظ عليها مسؤولية سنحاسب عليها أمام الله تعالي، ما الذي فعلناه في حياتنا هل استثمرناها استثمارا صحيحا ووظفناه في طاعة الله، ام اتخذناها سخريا ولهثنا خلف شهواتنا قلبا وقالبا.
ولم نتق الله في أعمارنا، فإنه لاتزول قدم عبد حتي يسأل عن شبابه وعمره وصحته في ما أفناهم .
هل وظفنا حياتنا التي وهبها لنا الله تعالي واسبغ علينا فيها بكل مقوماتها لخدمتنا،فسخر لنا الليل والنهار، والشمس والقمر، والشجر والدواب والجبال، والبحار والأنهار.
وآتاكم من كل ما سألتموه. وان تعدو نعمة الله لا تحصوها. إن الإنسان لظلوم كفار، وسنعلم كيف يكون الإنسان ظلوم علي وزن فعول صيغة مبالغة لمبالغته في ظلم نفسه ووجوه ظلم الإنسان لنفسه كثيرة، منها عدم تهذيب نفسه وتربيتها علي الطاعة، وتربيتها علي حب الله وحب الوطن.
ومن وجوه ظلم الإنسان لنفسه عدم اعترافه بنعم الله تعالي عليه، وهنا يتحول من ظالم لنفسه الي الكفور، كفران النعمة، أن تقول إنما أوتيته علي علم عندي، كأن تنجح فنقول لك قل الحمدلله، تقول ذاكرت واجتهدت، نقول لك من الذي هيئ لك الأسباب، أسباب النجاح.
فلابد بل وحقيق علينا شكر النعمة والاعتراف بفضل المنعم علينا، فكان الخليل إبراهيم عليه وعلي نبينا الصلاة والسلام كان شاكرا لأنعمه.
فلا تنسب فضلا لأحد وانما ترجع الفضل كله لله، وان كان هناك شكر لأحد فمن باب ولاتنسو الفضل بينكم، ولكن الفضل هنا لله الذي قيض لك فلان أو علان وانجز لك مهماك.
فالله تعالي خلق لنا هذه الحياة لنحياها ولنعمرها فنحن بنو آدم خلفاء الله تعالي في خذه الأرض، خلقنا الله تعالي لنحياها ونعيشها بمتناقضاتها بخيرها وشرها حلوها ومرها، حسنها وقبحها.
فلا يمكن بحال من الأحوال أن تستقيم حياة علي وتيرة واحدة ولا يمكن بحال أن تكون حلو علي الدوام أو مر علي الدوام، وإلا ما قال الله تعالي ليبلوكم أيكم أحسن عملا.
وأيضا قول الله تعالي لقد خلقنا الإنسان في كبد، في تعب ونصب ومشقة وهنا يأتي الابتلاء منه تعالي، ونبلوكم بالخير والشر فتنة، ليري الله تعالي من الذي سيصبر فيجتاز هذا الامتحان الصعب، ومن الذي سيجزع ولا يصبر ويصاب بالاحباط والقنوط من رحمة الله تعالى، بل ويغالي في الإسراف علي نفسه، وقد يصاب بالضيق والضجر والقلق والاضطراب النفسي الذي قد يقوده الي الوهن والمرض.
سيداتي وسادتي،هل يعقل أن نجعل للشيطان علينا سبيلا، هل يعقل أن نسلم عقولنا للشيطان فيسلبها منا، هل يعقل أن نتركه يقودنا إلي التيه والضلال، يعقل أن نطلق له العنان في سلب شخصيتنا فنصبح مطيته لتنفيذ مآربه ، ويأتي يوم القيام متبرأ منا، ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي.
يا أصحاب العقول النيرة المستنيرة التي أنارها الله تعالي بنوره،فنور عقولنا قبس من نوره الذي ملأ السموات والأرض.
هل لأننا ضاقت أرزاقنا نيأس من حياتنا ونقدم علي قتل أنفسنا تخلصا من هذه الحياة، وأين نحن من قول الله تعالى، ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها، ضاق عليك الرزق في بلدك انتقل الي بلد آخر فالله هو الرزاق ذو القوة المتين.
أيها الشاب اليافع الجميل، أيتها الفتاة الأنيقة المهذبة، هل لأنكما لم توفقا في قصة حب لكما ولم توفقا في زواجكما تقدمان علي الانتحار والتخلص من حياتكما، نسيتم قول الله تعالي، والله يعلم وأنتم لا تعلمون.، ربما يكون ذلك فيه الخير لكما والصلاح والإصلاح.
أيها الشباب الذين تخرجوا من الجامعات هل لاخفاقكم في الحصول علي فرصة عمل بعد ما تخرجتم هل يصيبكم هذا بالاحباط واليأس وفقدان الأمل وأن الحياة أصبحت كئيبة وسوداء، سبحان الله، أليس لنا ولكم في رسل الله الأسوة والقدوة، كم كافحوا وجاهدوا واجتهدوا، أليس لكم في آبائكم وأمهاتكم القدوة في الجلد والصبر والتحمل
فبدلا من الصبر والاصطبار ومجاهد الهوي والنفس، يذهب في مكان ما أو يغلق عليه غرفته ويقدم علي الانتحار كأن يشنق نفسه، أو يقطع شرايين يده، والعياذ بالله، وهل هذا حلا،حتي لو انتهيت حياتك الدنيوية فماذا ستقول في أمانة عمرك وحياتك لله تعالي عندما يسألك لماذا يا هذا قتلت نفسك التي هي أمانتي عندك، لماذا خنت الأمانة.
وأنت أيها الطالب هل لأنك أخفقت في الامتحانات ولم يحالفك التوفيق ورسبت، تذهب وتلقي بنفسك في النيل أو تضرب نفسك بآلة حادة تجهز بها علي حياتك، بئس التفكير هذا.
لماذا لا ننظر لاخطأنا ونعالجها معالجة دقيقة، نري الأخطاء التي وقعنا فيها ونصلحها ونجودها.
كم عانينا وعانينا وسنعاني لكن كل تجربة نمر بها تقودينا ونخرج منها أقوياء أشداء.
لماذا لأننا لابد أن يكون لنا هدف، قد يتعثر الوصول إلي تحقيقه مرة تلو مرة،تلو ثالثة، لكن لا نتوقف بل نسعي بكل ما أوتينا من قوة لتحقيقه، لماذا لأنه كتبت الإجابة لمن أدمن الطرق.
يا سيداتي وسادتي، أجعلوا لكم هدفا تسعون لتحقيقه ولا تصابوا أبدأ باليأس فليس اليأس طريق للمؤمن،المؤمن بالله تعالي والمؤمن بهدفه، فإنه لاييأس من روح الله الا القوم الكافرون.
ودوما اذكر بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، اجعلوهما نصب أعينكم.
قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله.
فلا يأس ولا قنوط وانما جد وعمل واجتهاد،وستأخذ فرصتك عاجلا أم آجلا،
ويقولون متي هو قل عسي أن يكون قريبا.
الانتحار وانهاء الحياة سلاح الشيطان، فلا تجعلوا للشيطان عليكم سبيلا.
ولاتقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما.
أحبوا الحياة وأقبلوا عليها بقلوبكم تحبكم فقد خلقها الله تعالي لنا.