أخبار عاجلة

مقالات في رمضان قوم تُـبّع

مقالات في رمضان

قوم تُـبّع
……………..

لم يأت في كتاب الله سبحانه وتعالى من تفصيل الذكر فيهم الا في موضعين ، قال تعالى ” أهم خير ام قوم تبع والذين من قبلهم اهلكناهم انهم كانوا مجرمين ” ، والقصد من أهم خير ترجع الى مشركي قريش في مكة ، وقال تعالى ” واصحاب الايكة وقوم تبع كل كذّب الرسل فحق وعيد ” ، وقد اختلف من سبقنا في العلم والرواية والحديث عن مهلكهم واسباب اجرامهم وتكذيبهم الرسل ، ولابد من الاشارة هنا الى ان الله سبحانه وتعالى جاء على ذكرهم مع الاقوام التي كذبت رسلها فاستحقوا العذاب باجرامهم ، ولَم يأت بالدليل عن قصة هؤلاء القوم الا ما نقل من اخبار عنهم .

الا ان تبع هم قوم من اليمن يسمى ملوكهم تبع وهي كناية تشابه كسرى عند الفرس سابقا والقيصر عند الرومان وفرعون عند اهل مصر ، ولربما يكون المقصود من ملوكهم هو تبع الذي كان يحكمهم في حمير وسبأ وحضرموت واسمه تبع اسعد ابو كرب الحميري ولَم يتم التحقق من ديانته الا ان المفسرين يشيرون الى ايمانه بالله وعبادته على شريعة سيدنا موسى ( عليه السلام ) ، وهذا ما اكدته السيرة النبوية المعطرة لقول سيدنا رسول الله صَل الله عليه وسلم لقومه ” لا تسبوا تبعا، فانه كان قد اسلم ” .

وما يهمنا من قوم تبع ان هذا الملك ( تبع )قد عظم سلطانه وحدود مملكته التي امتدت حتى وصلت سمرقند كما جاء في الكتب والاحاديث ، واشتد ملكه وعظم سلطانه وكثرت رعاياه في البلاد ، ويذكر ان تبع هذا قد مر بالمدينه واراد قتال اهلها ولكنه عدل عن هذا بعد ان نصحاه حبرين يهوديين كانا في رعاياه بمكانة هذه المدينة عند اليهود ومن فيهم وانها ستكون مهجرا لنبي ياتي اليها اخر الزمان فاتجه بعدها الى حيث مكة ليهدم بيتها العتيق الذي نهاه عنه الحبرين اليهوديين بقولهم ان هذا البيت له شأن عظيم يقصده الناس للحج وان سيدنا ابراهيم ( عليه السلام ) من بناه بامر من الله تعالى ، فلحقه مرض عضال حال دون ذلك حتى تبارك بالبيت وربه لاجل شفائه وقام بكساء الكعبة ببرد يماني بعد ان عاد الى صحته وقوته وشفائه من مرضه.

ولأن الاخبار لم ترد في قصة قوم تبع كما جاءت عن قوم فرعون وَعٰادَ ولوط وصالح وثمود وغيرهم ، وَما وردنا من القرآن الكريم الا ما جاء في الآيتين اعلاه ومن حديث المصطفى صَل الله عليه وسلم في ملكهم تبع كما اسلفنا ، فلا سبيل للاجتهاد في قصتهم كما ارادها الله في ذكره لهم دون تفصيل لعلم لا يعلمه الا هو وهذا ما تعلمناه من ادب القرآن وكلام الله وتدبر آياته ، وساكتفي بذكر ان تبع لم يأت ذمه في الايات الكريمات من كتاب الله ولا تكفيره ، بل جاء ذكر قومه بالعذاب والجرم والوعيد ، وان الدخان سورة مكية نزلت في قريش جاءت لتذكير مشركي قريش بعذاب ومهلك قوم تبع وَما هم ببعيد عن اخبارهم وعهدهم وكذا بترهيبهم بالدخان لتكذيبهم الرسول صَل الله عليه وسلم والذي سلطه الله سبحانه وتعالى عليهم لتخويفهم ، فعاشوا في فقر وقحط حتى كادوا ان يهلكوا لولا دعاء النبي صل الله عليه وسلم لهم .

ومن المؤكد ان عذابا شديدا قد اصاب قوم تبع بعد كفرهم وتخليهم عن ديانة ملكهم تبع بعد وفاته ، فعادوا لعبادة الاوثان والاصنام والاسراف في الرذيلة والفحشاء ، وان الوعيد والاجرام الذي يأتي في ذكر كتاب الله لقوم او مدن بذاتها تدلل على عظمة الذنب وخطورة اثاره وَما يقترفونه من آثام تغضب الله سبحانه وتعالى وتكفيرهم لانبياءه ورسله ، وقد ورد في بعض التفاسير ان مهلكهم كان بالسيل العرم الذي جاء في سورة سبأ والله اعلم ، قال تعالى ” لقد كان لسبأٍ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور ، فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي اكل خمط واثل وشيء من سدر قليل ، ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي الا الكفور ” .

الحمد لله الذي هدانا بفضله الى الاسلام والصلاة والسلام على خير الانام ، تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال ولا حول ولا قوة الا بالله .

…………………………………………………………….

عبد الكريم احمد الزيدي
العراق / بغداد

شاهد أيضاً

الوعي مرض المثقفين 

الوعي مرض المثقفين  كتب سمير ألحيان إبن الحسين محنة العقل في ضل أزمة الوعي العربي …