بقلم الدكتورة /هبة المالكي – مدرس أصول الفقه بكلية الدراسات الاسلامية والعربية
بقوله سبحانه وتعالى : “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ” (سورة إبراهيم 24) ، فالكلمة الطيبة مفتاح القلوب والعقول وهي تدل دلالة واضحة على طيب قائلها فما الألفاظ إلا قوالب للمعاني اغترف من الكلمات أصدقها وأحسنها.
ولايخفى علينا أن للكلمة الطيبة فوائد تعود على الإنسان من خيري الدنيا والآخرة ، فكم من مفرط في كلمته دخل بها والعياذ بالله نار جهنم وبئس المصير.
وأوضح لنا ذلك رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حيث قال ” إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن رِضْوانِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بها دَرَجاتٍ، وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ” .
ورسولنا الكريم قدوتنا في القول والعمل وديننا الحنيف ماانتشر بالسلاح ولا بسفك الدماء وإنما انتشر بالكلمةالطيبة وحسن الأخلاق وحتى في الدعوة أمرنا الله عز وجل بالموعظة الحسنة قال تعالى” :
“ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ “.( سورة النحل 125).
فالإسلام لم يتخذ القوة شعارا له وإنما أوضح لنا أن الكلمة الطيبة يجب اتخاذها مفتاح حياة فهي تؤلف بين القلوب والعقول وتزيل البغضاء والأحقاد والمشاحنات فكم من كلمة طيبة ألفت بين الشعوب والأوطان وكم من كلمة خبيثة دمرت شعوب ومجتمعات
فإذا كان الإنسان فظا غليظ القلب انفض الناس من حوله وتركوه وحيدا قال تعالى : “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ” (سورة آل عمران 159)
فالكلمة أمانة والكلمة الطيبة خير يجريه الإنسان على قلب المؤمن وعليه أن يحسن استعماله وأن يضع الكلمة في موضعها الصحيح فالكلمة قد ترفع أقواما وتعزهم وقد تخفض أقواما وتذلهم ، ومن هنا كان لزاما علينا غرس هذه القيمة في نفوس أولادنا .
وفي ديوان أبو العلاء المعري : وَيَنشَأُ ناشِئُ الفِتيانِ مِنّا – عَلى ما كانَ عَوَّدَهُ أبوه
فالكلمة الطيبة صدقة ولن يخسر الإنسان شيئا بقولها بل إنه سينال بها سعادة الدارين من محبة الخالق عز وجل ومحبة الخلق فالإنسان يموت ويبقى أثره إن خيرا فخير وإن شرا فشر فالقلوب أوعية تنضح بما فيها وعلينا أن نغترف منها ما ينفعنا في ديننا ودنيانا فالله عز وجل حق وكلامه كله حق ورسولنا الكريم كريم الكلمة وكفانا به عزا وشرفا أن نقتدي به في أقواله وأفعاله.
قال ﷺ: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت”