مع علوم اللغة العربية /المعاجم

مع علوم اللغة العربية /
بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر
===========
((( المعاجم )))
مع مدخل إلى جماليات النصوص ٠٠ !!
قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
” أيها الناس عليكم بديوانكم – شعر الجاهلية – لا يضل فإن فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم ٠
كان ابن عباس رضى الله عنه يقول:
الشعر ديوان العرب فإذا خفى علينا الحرف في القرآن الذي أنزله الله بلغة العرب رجعنا إلى ديوانها فالتمسنا ذلك منه ٠
٠٠٠٠٠٠
باديء ذي بدء الحديث عن علوم اللغة العربية و لا سيما( المعاجم ) ذو شجون ، ولم َ لا فهى من مادة ” عجم ” وهى لا تدل على بيان وكشف وشرح بل تدل على عكس ذلك وهو الإبهام والإغلاق و التعقيد ٠
و إلى هنا عزيزي الصديق الحميم و القاريء الكريم اقدم لك هذا المقال الهادف من بطون أمهات الكتب فقد درسنا مادة ( المعاجم ) في الجامعة و اليوم أبسطها بين يديك و قد توخيت فيها السهولة مع الخطوط العريضة ٠
و من ثم نرجع بكم في عجالة إلى علوم اللغة العربية :
وعلوم اللغة العربية تتمثل في :
( علوم اللغة – كما ذكرتَ في سؤالك – متشعبةٌ، وهي اثنا عشر علمًا:
( علم اللغة- علم التصريف- علم النحو- علم المعاني – علم البيان – علم البديع- علم العروض – علم القوافي – علم قوانين الكتابة- علم قوانين القراءة- علم إنشاء الرسائل والخطب – علم المحاضرات، ومنه التواريخ ) ٠

و يأتي المعجم لتوضيح علوم اللغة العربية في كل فرع ٠
و بهذا يكون المعجم هام جدا في الكشف و التوضيح ٠

القرآن الكريم هو دعوة إلى عبادة الله وتشريعا يحدد صورة المجتمع ويصوغ الحياة كما يريدها الله عز وجل واهبها ٠
والنبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم وُلد في البيئة العربية التي نزل القرآن بلسانها٠
ومن ثم يلزم الحياة على النهج الإسلامي والتزام حدود هذا الدين القيم بفهم القرآن الكريم بلسان عربي مبين ٠
لأن اللغة العربية على حد قول الإمام الشافعي رضي الله عنه ( لا يكاد يحيط بها إلا نبي ) ٠
فكان من الطبيعي أن يغمض معاني بعض ألفاظ القرآن الكريم على الصحابة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعده ٠
فكانوا يسألونه عما غمض معناه عليهم فكان يجيبهم بالمراد أحيانا مثل كلمة ( الراسخون ) في العلم فقال :
من برت يمينه وصدق لسانه واستقام قلبه وعف بطنه وفرجه فذلك من الراسخين في العلم ٠
و فسر من استطاع إليه سبيلا ٠٠ الزاد والراحلة ٠
و القوة ٠٠ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة بالرمي ٠
وكان أحيانا يجيب بتفسير المعنى اللغوي الدقيق مثل عُربا أترابا : متعشقات محببات على ميلاد واحد ٠
وسدر مخضود و مؤصدة وهكذا ٠
و بعد أن انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ترك لنا بمثابة معجم يشمل لنحو ٢٠٠ مائتي لفظ قرآني فهو صاحب الفضل الأول في ذلك لبداية ارهاصات المعاجم ٠
فلم يكن مناص من أن يتساءل الواحد منهم عن معنى ما غمض عنهم ويبحث حتى يعرف أو يصرف نفسه عن هذا التساءل ٠
كما في سورة عبس ،
وفاكهة ) يريد ألوان الفواكه ( وأبا ) يعني الكلأ والمرعى الذي لم يزرعه الناس ، مما يأكله الأنعام والدواب .
يأكل الناس والأنعام .
وروي عن إبراهيم التيمي أن أبا بكر سئل عن قوله :
” وفاكهة وأبا ” فقال : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم .
و قرأ عمر رضي الله عنه هذه الآية قد عرفنا معناها ٠٠ فما الأب ؟ ثم رفع عصا كانت بيده وقال : هذا [ والله ] لعمر الله التكلف ، وما عليك يا ابن [ أم ] عمر أن لا تدري ما الأب ، ثم قال : اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب ، وما لا [ تبين ] فدعوه .

قال القرطبي: وقال سعيد بن المسيب: بينما عمر بن الخطاب- رضى الله عنه على المنبر قال: أيها الناس ما تقولون في قول الله- عز وجل-: أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ.

فسكت الناس.

فقال شيخ من بنى هذيل: هي لغتنا يا أمير المؤمنين. التخوف: التنقص.

فقال عمر: أتعرف العرب ذلك في أشعارهم؟ قال نعم قال شاعرنا أبو كبير الهذلي يصف ناقة تنقص السير سنامها بعد اكتنازه:

تخوّف الرحل منها تامكا قردا … كما تخوّف عود النّبعة السّفن

فقال عمر: أيها الناس: عليكم بديوانكم شعر الجاهلية، فإن فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم» .
وفي موقف آخر قرأ عمر ( يجعل صدره ضيقا حرجا )
جا ) بنصب الراء . قال : وقرأ بعض من عنده من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ضيقا حرجا ” . قال صفوان : فقال عمر : ابغوني رجلا من كنانة واجعلوه راعيا ، وليكن مدلجيا .
قال : فأتوه به . فقال له عمر : يا فتى ، ما الحرجة ؟ قال : ” الحرجة ” فينا ، الشجرة تكون بين الأشجار التي لا تصل إليها راعية ولا وحشية ولا شيء . قال : فقال عمر : كذلك قلب المنافق لا يصل إليه شيء من الخير .
و روى أن ابن عباس لم يغمض عليه شيء من ألفاظ القرآن إلا( غسلين ، حنانا ، أواه ،الرقيم )
وقال ابن عباس ما كنت أدري ما تعالى قوله ( ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق )
حتى سمعت قول بنت ذي يزن تقول :
تقول: ” تعالَ أفاتحك ” ، تعني: أقاضيك.
عن ابن عباس قال : كنت لا أدري ما فاطر السماوات والأرض ، حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر ، فقال أحدهما [ لصاحبه ] : أنا فطرتها ، أنا بدأتها .

وكانت أمثال هذه المواقف كافية لتوجيه بعض الصحابة إلى الاهتمام بغوامض ألفاظ القرآن والحديث وذلك بجمعها و تحديد معانيها و كان المرجع الأول في ذلك ما أشار إليه عمر وهو الشعر وبخاصة شعر الجاهلية ٠
ولعل أبرز مثل لهذا الاتجاه في مسائل ابن الأزرق ٠
فقد اتجه ابن عباس إلى الشعر يستخرج منه معاني ألفاظ القرآن الكريم وكان يقول:
الشعر ديوان العرب فإذا خفى علينا الحرف في القرآن الذي أنزله الله بلغة العرب رجعنا إلى ديوانها فالتمسنا ذلك منه ٠
كما كان يقول :
إذا سألتموني عن غريب القرآن فالتمسوه في الشعر ٠

* و المعجم ذلك الجزء من علم اللسانيات الذي يهتم بدراسة الكلمات و طبيعتها ومعناها، وعناصر الكلمات، والعلاقات بين الكلمات (العلاقات الدلالية)، ومجموعات الكلمات ودراسة كل المعجم للغة من اللغات.

* مع نشأة المعاجم :
فقد بدأت مع
معاجم غريب القرآن- معاجم غريب الحديث – كتب النوادر – كتب الخاصة بعناصر البيئة – كتب الصفات و الغريب المصنف ٠
ثم المعاجم الأبجدية:
ذات التتبع للمواد اللغوية إلى الحروف الأبجديةالتي تتكون منها تلك المواد ٠
معجم العين :
ذات التقاليب الصوتية لترتيب جهاز النطق للخليل ابن احمد الفراهيدي مكتشف علم العروض أوزان وبحور الشعر ، يعتمد في الكشف على الترتيب في كل حرف حسب مخرجه الصوتي ٠
معجم تهذيب اللغة للأزهري ٠
المحكم لابن سيده ٠
جمهرة اللغة لابن دريد ٠
معجم تاج اللغة وصحاح العربية ٠
معجم لسان العرب ٠
القاموس المحيط ٠
تاج العروس من جواهر القاموس ٠
معجم ديوان الأدب ٠
معجم مختار الصحاح ٠

محيط المحيط – أقرب الموارد في فصح العربية والشوارد – معاجم الجيم لأبي عمر و الشيباني – أساس البلاغة للزمخشري و المصباح المنير ٠

و أخيرا المعاجم الحديثة :
المنجد – والوجيز و الوسيط و الكبير – معاجم مجمع اللغة العربية – المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ٠

و في نهاية المطاف أتمنى أن أكون قد أضفت شيئا يخدم ثقافتنا العربية للحفاظ على جمال هويتنا وشخصيتنا التي أكرمها الله عز وجل بالرسالة الخاتمة على يد سيد الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم و شرف النبي العربي بأن نزل القرآن بلسانهم المبين ٠
و على الله قصد السبيل ٠
و للحديث بقية إن شاء الله ٠

شاهد أيضاً

مقدمة في فن اكتشافات المقابر الأثرية.. كتاب جديد للدكتور سيد الطلحاوي

متابعة : ماهر بدر نشر الدكتور سيد الطلحاوي مدير عام آثار الدقهلية ودمياط ومدير بعثة …