مشاعر

«مشاعر»
الجزء الثالث
الأخير

مر عَامٌ ونصف تجاوزت خلالهما آلمي، وبدأت أجهز لأول معرض لي، عبرت لوحاتي عن المشاعر المحترقة داخلي وما أشعر به من شَوْقٍ وَألَمٍ وخذلان، وما أسعى إليه وأتمناه في لوحات آخرى تحكي عن الأمل، وتحدد موعد لعرض لوحاتي كنت متوترة لأنه أول معرض لي، كانت يداي ترتجفان من القلق، وفي هذه الفترة، كنت قد تجاوزت ألمي، وتحسنت حالتي، لكن كان داخلي بقايا حنين، ويهاجمني الشوق بين الحين والآخر، لكنني كنت أقاوم ولا أتابع أخباره، وأصبح يمر أسبوع وأكثر وأنا لا أقترب لأطمأن، ووجهت تفكيري نحو شغلي في المعرض وتخليت مثله شَيئًا فشيئًا حتي تحررت من قيد تعلقي به، وفراغ غيابه عوضه إنشغالي بالمعرض، زادت الايام إلي شهور ، ومر عَامٌ ونصف، وفى الموعد المحدد للمعرض، تفاجأت برسالة منه مكتوب عليها أفتقدك بشدة، بدأ قلبي يخفق بحبه من جديد في لحظة، وضعت يدي عليه لتهدأ خفقاته، ولم أرد على الرسالة، كنت طوال الطريق أفكر، ماذا حدث؟ لماذا عاد بعد كل هذا الوقت، أعلم أنه تزوج ولديه ابن، فقررت أن أعتبر موضوع الرسالة كأن لم يكن، ووجدت أقبال على المعرض أسعدني، وثلاث لوحات تم حجزهم من أول نصف ساعة، ومع المجهود الزائد وتوتري بالرسالة شعرت بأرهاق شديد، فجلست لكي أستريح قَلِيلًا، وأشرب فِنْجانً من قهوة، فأخذني الفضول أن أنظر إلى الرسائل، فوجدت رسالة طويلة جِدًّا منه، يحكي لي فيها أنه نَادِمًا، وأن زواجه فشل وابنه توفى، بعد تعرضه لوعكة شديدة أودت بحياته، لأن زوجته كان اهتمامها الأول بعملها، فأهملت ابنها وبيتها، و مر بحالة اكتئاب وَحُزْنًا شَدِيدًا على ابنه الذي فارق الحياة، أخبرني أنه كان يقارن بين مشاعري تجاهه ومشاعرها، وشعر بفرقًا كَبِيرًا جعله يشعر بالندم وأنه أفتقدنى، وتمني ان لو نعود، داخلي شعرت بسعادة وجاوبته بالقبول، فأخبرني انه داخل المعرض، وكان قلبي يخفق بشدة، مفاجأة يرتجف لها القلب، كان هذا أول لقاء بيننا، لكنني احفظ ملامحه، وتفاصيل شخصيته، هذه عيناه التي أبكتني كثيرا، ليالي لم يجف دمعي، أَخِيرًا ألتقينا، لكن الغريب كأننا نعرف بعض جَيِّدًا، وخلال فترة وجيزة تزوجنا، وسافرت معه، هذا مستحيل تحقق، كنت دائما اتذكر قول الله سبحانه«هُوَ عَلَيَّ هَيِّنُ»، وأنا الآن انتظر داخل قاعة الاحتفال، اليوم زفاف ابنتنا، وها هو متجه نحوي، ووضع قبلة على رأسي، ثم همس في أذني أحبك، فأبتسمت و تعانقنا في رقصة سرمدية خالدة.
تمت