مرشحون بلافكر وصناديق تنتظر وعى الناخب

“مرشحون بلا فكر.. وصناديق تنتظر وعي الناخب!”

 

بقلم / حسام النوام

 

في كل دورة انتخابية جديدة لمجلس النواب، تخرج الساحة السياسية المصرية على مشهدٍ مألوفٍ تتكرر ملامحه، لكنه يزداد حدةً عامًا بعد عام: طوفان من المرشحين يتزاحمون على بطاقات الترشيح دون أن يمتلك بعضهم أدنى مقومات العمل البرلماني، لا وعيًا سياسيًا، ولا خبرةً تشريعية، ولا حتى رؤيةً لخدمة دوائرهم أو الوطن.

ظاهرة لم تعد مجرد مفارقة، بل أصبحت قضية تحتاج إلى وقفة جادة أمام وعي الناخب والمجتمع معًا.

 

البرلمان بين المسؤولية والوجاهة

 

البرلمان ليس مقعدًا للوجاهة الاجتماعية أو وسيلةً لفتح الأبواب المغلقة كما يظن البعض، بل هو سلطة تشريعية ورقابية تُناط بها مسؤولية صياغة القوانين ومحاسبة الحكومة وتعبير الشعب في أسمى صوره الديمقراطية.

ومع ذلك، نرى اليوم مرشحين يندفعون إلى سباق الانتخابات كما لو أنهم يخوضون سباقًا اجتماعيًا لا سياسيًا، يزينون اللافتات بالشعارات الرنانة والصور الفاخرة، دون أن يقدموا للناس برنامجًا واقعيًا أو رؤيةً حقيقية لما يمكن أن ينجزوه تحت قبة البرلمان.

 

المال السياسي… وقود بلا وعي

 

يؤكد خبراء السياسة أن ظاهرة “المرشح بلا مشروع” ترتبط غالبًا بتفشي استخدام المال السياسي، حيث يعتمد البعض على النفوذ المالي أو القبلي أو الاجتماعي كوسيلة لضمان الأصوات، دون أن تكون لديهم خبرة في التشريع أو رقابة الأداء الحكومي.

وهنا تتحول العملية الانتخابية من منافسة فكرية وبرامجية إلى سوق للوعود الزائفة والابتسامات الدعائية، يفقد فيها الناخب قدرته على التمييز بين من يستحق تمثيله ومن يسعى فقط لمكانةٍ شكلية.

 

الوعي الانتخابي… الحلقة الأهم في المعادلة

 

الناخب الواعي هو خط الدفاع الأول عن البرلمان القوي.

فعندما يختار المواطن مرشحه بناءً على الكفاءة لا على القرابة أو الوعود، فإنه يشارك في بناء مؤسسة تشريعية حقيقية قادرة على صنع الفارق. أما حين يتهاون ويمنح صوته بدافع العاطفة أو المصالح الضيقة، فإنه يُسهم — دون قصد — في إضعاف الدولة من الداخل “النائب الحقيقي هو من يملك فكرًا ورؤيةً تواكب الجمهورية الجديدة، لا من يحفظ بعض الشعارات ويرفع صوره في الشوارع دون وعي بمسؤولية الكلمة تحت القبة.”

 

الإعلام والمجتمع… بين التنوير والمجاملات

 

يلعب الإعلام دورًا محوريًا في تشكيل الوعي الانتخابي، لكن بعض المنصات تقع في فخ المجاملات أو الانحياز لمصالح خاصة، فتهمل دورها في التوعية وتغفل مسؤوليتها تجاه الناخبين.

بينما تحتاج المرحلة إلى إعلام ناقد، موضوعي، يسلط الضوء على الكفاءات الحقيقية، ويكشف ضعف برامج المرشحين الذين لا يملكون سوى الوعود الفضفاضة والصور اللامعة.

 

المرشح المؤهل… نموذج الجمهورية الجديدة

 

المرشح الذي تستحقه مصر اليوم هو صاحب الرؤية لا الشعارات، من يجمع بين العلم والخبرة، بين القدرة على التواصل مع الناس والفهم الدقيق لقضاياهم.

فالدولة التي تخوض معارك التنمية والبناء تحتاج نوابًا يواكبون فكر القيادة السياسية، ويدعمون توجهات الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، لا من يبحثون عن وجاهة المقعد أو حصانة لا تعني سوى حماية المصالح الشخصية.

 

البرلمان ليس مقعدًا… بل أمانة

 

وفي النهاية المسؤولية الوطنية تفرض علينا — ناخبين ومرشحين — أن نُعيد تعريف معنى النيابة البرلمانية.

فهي ليست رحلة إلى المجد الشخصي، بل تكليف وطني لخدمة الناس وصوت للضمير العام.

وما لم يُدرك بعض المرشحين أنهم أمام رسالة لا مغنم، ستظل معاناة المواطن من ضعف الأداء البرلماني مستمرة، حتى يستعيد البرلمان هيبته بالكفاءات الحقيقية التي تفهم معنى الوطن قبل أن تفكر في المقعد.

شاهد أيضاً

جامعة القاهرة تناقش رسالة ماجستير حول المخطوطات المصحفية

جامعة القاهرة تناقش رسالة ماجستير حول “المخطوطات المصحفية الوقفية”.   كتب حسن قلاد   في …

قصص النضال

قصص النضال ……………… رسمتك عنوان الوفاء ورسمت لجمالك التمثال وكتبت لك أجمل الأشعار وكنت للعين …