متى يجوز السجود لغير الله عز وجل ؟
محمد أبوالنصر.
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ} أي اذكر يا محمد لقومك حين قلنا للملائكة .
وصيغة الجمع {وَإِذْ قُلْنَا} للتعظيم، وهي معطوفة على قوله {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ} [البقرة: 30] وفيه التفات من الغائب إلى المتكلم لتربية وإظهار الجلالة.
{اسجدوا لأَدَمَ}.
{اسجدوا} أصل السجود: الانحناء لمن يُسجد له والتعظيم، وهو في اللغة: التذلل والخضوع،وفي الشرع: وضع الجبهة على الأرض ، وكلمة{اسجدوا} أي سجود تحية وتعظيم لا سجود عبادة.
وهذا يجعلنا نسأل ؟
كيف يصح السجود لغير الله؟
والجواب أن سجود الملائكة لآدم كان للتحية وكان سجود تعظيم وتكريم لا سجود صلاةٍ وعبادة،
قال الزمخشري: السجود لله تعالى على سبيل العبادة، ولغيره على وجه التكرمة كما سجدت الملائكة لآدم، ويعقوب وأبناؤه ليوسف.{فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ} أي سجدوا جميعاً له غير إبليس.
و{إِبْلِيسَ} اسم للشيطان وهو أعجمي، وقيل إنه مشتق من الإِبلاس وهو الإياس
{فَسَجَدُواْ} وقد أفادت الفاء في قوله {فَسَجَدُواْ} أنهم سارعوا في الامتثال ولم يتثبطوا فيه، وفي الآية إيجاز بالحذف أي فسجدوا له وكذلك {أبى} مفعوله محذوف أي أبى السجود.
{أبى واستكبر} أي امتنع مما أمر به وتكبر عنه ومعنى {أبى} امتنع، والإِباء: الامتناع مع التمكن من الفعل.
{واستكبر} الاستكبار: التكبر والتعاظم في النفس
{وَكَانَ مِنَ الكافرين} أي صار بإبائه واستكباره من الكافرين حيث استقبح أمر الله بالسجود لآدم.
هل كان إِبليس من الملائكة؟
الجواب: اختلف المفسرون على قولين:
ذهب بعضهم: إِلى أنه من الملائكة بدليل الاستثناء {فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ}
وقال آخرون: الاستثناء منقطع وإِبليس من الجن وليس من الملائكة وإِليه ذهب الحسن وقتادة واختاره الزمخشري، قال الحسن البصري: لم يكن إبليس من الملائكة طرفة عين، ونحن نرجح القول الثاني للأدلة الآتية:
1 – الملائكة منزهون عن المعصية {لاَّ يَعْصُونَ الله مَآ أَمَرَهُمْ} [التحريم: 6] وإِبليس قد عصى أمر ربه
2 – الملائكة خلقت من نور وإِبليس خلق من نار فطبيعتهما مختلفة
3 – الملائكة لا ذرية لهم وإِبليس له ذرية {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي} [الكهف: 50] ؟
4 – النص الصريح الواضح في سورة الكهف على أنه من الجن وهو قوله تعالى {إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجن فَفَسَقَ} [الآية: 50] وكفى به حجة وبرهاناً.