أيها الفقراء الأشبال.. هيا لتزأروا للمرة الأخيرة تحت المطر لقد حملتم التاريخ على أكتافكم كما تحمل صناديق الفاكهة عبر الوحل..فجميعنا نعرف السؤدد والكرامة..والمبادئ السائلة على أرائك التاكسي…وكلها في غرف لا نوافذ لها كغرف المجرمين والمهربين.. أرفع يدك أيها الفقير لا تكن كالمتر المكسور..دون أن يردّ عليّ أحد… حيث العرق ينزف والشوارب الذابلة تحنيها ريح الصحراء..هل انت أنسان حضاري حاملة العقيدة والمشط وأوراق الزكام ينفجر خزان الضحكات إذا ما ثقبناه بالرصاص والأنياب الهاجرة؟وليس من أحد سوى نور القمر الأخضر..انسان الريف الجاف. من الوحل والسعال والعظام البارزة ..الأشياء قديمة من الثياب المهلهلة..يا منهوكي القوى تقلبون التراب بايدكم كأنها في مختبر.. التراب المليء بالقش والحصى والمسامير والعناد والكلمات الطنانة..التراب المنتقل على الأحذية والحوافر..وكل هذا الفقر .. في الصفحات الأخيرة..عبر آلاف الجبال والأودية الغبراء.. في عيني قسوة..الأغنياء..و القياصرة..وفي يدي ملايين الأذرع الخاوية تتأرجح! الجدران، والسيارات، ومكاشط الوحل..دعوني لأحدثكم عن النجوم الصغيرة، ورنين الحافلات المتقطع عن الأنوف والعيون التي نصطدم بها تحت ستار الرعد دعوني احدثكم عن الغليان الهائل..من الحنكة والتذمر وسط الفم والقلب والتاريخ الجامد والمدبب كالمنقار يقف خلف الطاولة بثلاثة أقدام، ينزف في أحد الأدراج كالعاشق الذابل العينين يقف أمام كالصنم..ودموعه مستقيمة كالأزرار. *فهو يعرف أن أجيالاً وأجيالاً ستحيا على فضلات هذه الأصابع..أمما وأمماً ستعيش على ذكرى هذه الأيدي الموشومة كأيدي البدو.يعرف لماذا؟لأنه فقير ومعدم يقف على الضفة الأخرى من النهر..على الجانب الأسود الحار والمحتضر..والمنحني كالشلال..يقف على مفارق الطرق. واضعا حقيبته على ظهره كالطائر..يجتاز الخنادق ودموعه تتساقط على وجنتيه..وتتساقط حواجبه كما يتساقط الورق في الخريف.. حزيناً ومرعوباً يمد رأسه كالعصفور..من خلال النوافذ والمصابيح المتطايرة فوق شعره ..قياصرة المال والاموال الجوع النائي لن يعرف لهم فم أبداً.. أنهاراً من المرطبات..ومن الهواء الأخضر والأزرق والمصفّى بالمناخل…انني أرى الأمور كئيبة وساقطة ولكن انظر بعينيك الخضراوين..يا سليل الفقر ..والكد انظر إلى هذه الدموع المطروحة في المغلفات إنه انتظاراً نقاسيه..صبر ونضال إنني لا أصدق .. الشمس جميلةوالذئاب تلعب مع بعضها كالخراف في المرعى أن الطفلة تحبو الآن في الأفق..تسيل كالماء على العتبة أريد احد يقلني حيث القمر يسطع..والنعاس يسيل مع الأحلام من زوايا العيون..