بلال سمير
يكشف المحلل “الإسرائيلي” ليئور بن شاؤول في مقال صادم أن إسرائيل تعيش لحظة انهيار وجودي غير مسبوقة، تجاوزت حدود الأزمة الأمنية والسياسية إلى مرحلة “الفرار الجماعي” من الكيان، وسط فشل عسكري في غزة، وانهيار داخلي متسارع، وتآكل ثقة الجمهور بالدولة ومؤسساتها.
يرى أن المشروع الصهيوني انكشف على حقيقته ككيان هش قائم على الدعم الخارجي والكذب الاستعماري، وأن المشهد الحالي من الهروب، والذل، والانقسام، هو بداية النهاية، متوقعًا أن إسرائيل ستنهار خلال عامين، لتصبح مجرد جيب يهودي محاصر أو تنهار تمامًا وتعود الأرض لأصحابها.
في خضم هذا الركام والوجع، لا بد أن نُذكّر بأن غزة لم تُهزم، بل خاضت واحدة من أعقد المعارك في تاريخ الصراع، بكل ما فيها من كلفة إنسانية وميدانية.
الثبات الاستراتيجي الذي أظهرته المقاومة، وسط قصف غير مسبوق وتدمير ممنهج، شكّل عنصر ضغط مركزي دفع العدو نحو البحث عن تسوية. ليست الصفقة اليوم ثمرة مفاوضات ناعمة، بل ثمرة معادلة نار مقابل نار، واستنزاف ميداني، ورفض الانكسار.
نحن لا نقدّس البندقية، لكننا نُدرك أن المقاومة الفاعلة، المنظمة والمدروسة، هي التي أربكت نظرية الحسم الإسرائيلي، وفرضت على منظومته الأمنية تفكيك عقيدته التقليدية المبنية على الردع والإنذار والسيطرة الميدانية السريعة
المعركة ممتدة، والتحرير ليس شعارًا، بل مسار طويل من الاشتباك مع المشروع الصهيوني، وما جرى في غزة هو حلقة نوعية في حرب الإرادات ومعركة تآكل الوعي والسيطرة
نُعاني نعم. لكننا نُدرك أن التحرر لا يتحقق على موائد الأمم، بل في خنادق الصمود ومفاصل الاشتباك
نعم، نُجابه الحصار، والدمار، والفقد، ومرارة النزوح، لكننا في المقابل نُنتج واقعًا جديدًا يُربك العدو، ويُعيد تموضعنا كفاعل لا كتابع منسق أمنيا منبطح.
هذه ليست معركة الكمال، بل معركة الضرورة، ومع كل لحظة نزيف، تُسجل غزة سطرًا في تاريخ مقاومة المحتل وتؤسس لمرحلة إعادة تعريف القوة، والسيادة، والصبر المقاوم