لماذا لا تنظم مصر عروضًا عسكرية ضخمة؟

بقلم / أيمن بحر
يتساءل كثيرون: لماذا لا تُقيم مصر عروضًا عسكرية كبرى تُظهر للعالم ما وصل إليه الجيش المصرى العظيم من قوة وتطور كما حدث فى عرض النصر عام 1974؟
الإجابة تكمن فى سياسة مصرية راسخة تقوم على التوازن والحرص الإستراتيجى حيث تفضّل الدولة الحفاظ على سرية قدراتها العسكرية وإدارة قوتها وفق مبادئ دقيقة تراعى الأمن القومى والردع دون استعراض مفرط.
عوامل إستراتيجية وأمنية
من أبرز هذه العوامل مبدأ المفاجأة والسرية وهو ركن أساسى فى التخطيط العسكري. فالكشف عن تفاصيل الأسلحة المتقدمة فى عروض علنية يمنح الخصوم فرصة لتحليل القدرات المصرية ووضع خطط مضادة، مما يُفقد الجيش عنصر المفاجأة عند الضرورة.
كما أن الردع غير المعلن يُعد سلاحًا بحد ذاته؛ إذ تُبقي مصر بعض قدراتها الإستراتيجية طى الكتمان بحيث يدرك الخصوم وجود قوة ضاربة دون معرفة تفاصيلها الدقيقة وهو ما يزرع لديهم حالة من الغموض والقلق الدائم.
عوامل اقتصادية وتنظيمية
العروض العسكرية الضخمة تحتاج إلى ميزانيات هائلة تشمل تكاليف التنظيم والنقل والتأمين. ولهذا تُفضّل مصر توجيه مواردها إلى ما هو أكثر نفعًا مثل التدريب والتطوير والتسليح الحديث.
كما أن المناورات العسكرية — مثل مناورات النجم الساطع — تُعد أبلغ من أى عرض استعراضى لأنها تُظهر الجاهزية القتالية الواقعية وتعزز التعاون مع الجيوش الصديقة.
عوامل سياسية ودبلوماسية
تحرص مصر كذلك على تجنب أي تصعيد إقليمي قد يُفسّر خطأ على أنه استعراض للقوة أو تهديد مباشر، خصوصًا في منطقة حساسة كمنطقة الشرق الأوسط. لذلك، تعتمد القاهرة سياسة “القوة الهادئة”، التي تُؤكد الردع من دون استفزاز.
وفي بعض الأحيان، تُنظَّم عروض عسكرية محدودة وموجهة، مثل عروض تخرج الكليات العسكرية أو استعراضات في شمال سيناء، كرسائل ردع محسوبة في سياقات سياسية معينة.
وفي النهاية، يمكن القول إن السياسة العسكرية المصرية تمزج بين الردع العملي الذي يتحقق بالتدريب والتسليح، والردع غير المعلن الذي يقوم على الغموض المحسوب.
فمصر لا تحتاج إلى استعراض قوتها لتؤكد عظمتها فالعالم كله يعرف أن الجيش المصرى قوة يُحسب لها ألف حساب.
جريدة الوطن الاكبر الوطن الاكبر ::: نبض واحد من المحيط الى الخليج .. اخبارية — سياسية – اقتصادية – ثقافية – شاملة… نبض واحد من المحيط الى الخليج 