أخبار عاجلة

لغة الأندلس الحلقة 2

لغة الأندلس
الحلقة 2

أوصل مندوب الوزارة الطلبة الى المدينة الجامعية… وارشدهم إلى غرفهم التي تفرح القلب بأناقتها وإطلالتها على حدائق الجامعة، وقبل أن يغادرهم اعطى كل طالب منهم ظرفا يحتوي مبلغا من المال وقال لهم هذه من هدايا عيد الميلاد المجيد…أنتم فخر بلادكم، واليوم صرتم أصدقاء لنا… كل عام وأنتم بفرح… والان سأترككم ترتاحون، وإلى اللقاء في الغد…
اليوم التالي قبيل الظهيرة، رن جرس الهاتف في غرفة فارس باعتباره المسئول عن البعثة، كان صوت إحداهن تتكلم العربية الفصحى كلغة ثانية قالت: أنا ماريا، أرجوكم أن تنزلوا إلى مطعم الجامعة، نحن بانتظاركم أنا وزميلتي روزا
قالت ماريا نحن ندرس اللغة العربية هنا في جامعة مدريد، وقد كلفتنا الجامعة بمرافقتكم هذه الفترة حتى موعد بدء دورة اللغة الاسبانية في السابع من الشهر القادم، وضحكت، أقصد السنة القادمة
ثم قالت، ما رأيكم بنزهة في المدينة الآن، وفي الليل سوف نرقص ونشارك الناس افراحهم، رقصاً، وطرباً…
ركبوا في سيارة ماريا الخاصة، فارس ركب بجانب ماريا… هدى أكلتها الغيرة كيف فارس يركب بجانب فتاة غريبة جميلة وليس بجانبها هي…فارس لها وحدها، ولا يجوز أن تشاركه معها أي فتاة أخرى مهما كانت صفتها… وأحست بالغيرة تنهشها، وقالت في صمتها فارس هو فتى أحلامي، وهو يجب أن يحبني انا دون غيري…
فارس لم يكن يفكر ابداً بالارتباط، لا مع هدى. ولا مع غير هدى…
أمامه خارطة طريق طويلة، مليئة بالدراسة.
كان الطقس باردا جدا في مدريد، وبالتالي استقر الرأي أن يذهبوا الى أحد المولات الكبيرة المدفأة جيداً
الذي أجج النار في قلب هدى، هي ماريا التي تأبطت بذراع فارس ودخلت امامهم السوق تحادثه وكأنه لا يجود غيرهما في المجموعة…
(المول) أسواق كبيرة لها بداية ولا يبدو لها نهاية، والاسبان أفواجا، أفواجا، حاملين أكياس مشتريات العيد المختلفة… كان الهوج، والموج في المول على أشده، مواسم أعياد الميلاد، وسنة جديدة على الأبواب.
اختار الشباب مكانا هادئا…
قالت ماريا نحسدكم في سورية، الدول الغربية وأمريكا لديهم مخططات رائعة من أجلكم، لديهم مشروع الربيع العربي الداعم لكم.
ضحك فارس وضحك سمير وامتعضت هدى…
قال فارس: معكم حق، في سورية نعيش الافراح مثلكم، وهذه الكهرباء عندكم هي الدليل. الكهرباء عندكم ترقص فرحا. بينما الكهرباء عندنا تضيف على آلامنا جراحا…وتزيد عذابات قلوبنا، لقد سرقوها وسرقوا نفطنا، وآثارنا، وهم لا يزالون عازمون على نهب ما تبقى عندنا من ثروات وخبرات…بل ربيعهم هو نهب أرض سورية بالكامل.
أنتم الاسبان تغنون وترقصون في الشوارع، بينما نحن بتنا نعيش على أصوات الرصاص والمدفعية والانفجارات الدامية والصواريخ التي تهدم بيوتنا.
وأنتم تقولون لنا افرحوا بالربيع العربي الذي سينعشكم… يا سيدتي الربيع العربي يعني نهبنا، وسلبنا، وابادتا…
وماذا أقارن لأقارن بين الحياة عندكم والحياة عندنا…عالمكم غير عالمنا…وعصركم غير عصرنا…شعبكم مثقف، وأغلب شعبنا لا يزال جاهلا بعيدا عن الحضارة، يتغنى بالماضي وبالأندلس…
بصراحة، لولا مساعدة أصدقاء سورية الشرفاء، لكنا خسرنا وطننا بالكامل، وكانوا شتتونا في أزقة العالم، أو ربما ذبحونا ودفنونا في مقابر جماعية مجهولة، هرب منا الآلاف سيرا على الأقدام خارج الوطن، وعديدون هربوا في مراكب مطاطية، وربما غرقوا في البحار، وكانوا يقولون نحن في بلدنا ميتين، وإذا كتب لنا أن نصل ربما نعيش حياة افضل….
وفعلاً الناجون الذين وصلوا لديار الغرب مثل المانيا والسويد وهولاندا وغيرها من الدول التي تستقبل مهاجرينا الهاربين من بلادهم… وجدوا حناناً مزيفاً في تلك البلاد باسم الإنسانية، والحقيقة تلك الدول هي جزء من المؤامرة، غايتهم تشجيع من بقي في سورية أن يهربوا منها أو يموتون فيها…
حتى يحضروا أغرابا مرتزقة من بقاع الأرض، يحتلون بلادنا، ويقطنون بيوتنا…ويكونون جنودا للمستعمرين عندنا….
لذلك دول الغرب فتحت أبوابها على مصراعيها، تلك الأبواب التي كانت محرمة علينا أن نلمسها، باتت اليوم تستقبل جميع الوافدين، ويقدمون لهم كافة الخدمات الإنسانية، المقبوض ثمنها مسبقاً من أموال عربية. حتى يقدمون للاجئين الخدمات الإنسانية المشجعة لأهالينا حتى يشجعون باقي السكان على الهروب من سورية…
سرقوا معاملنا وممتلكاتنا في وضح النهار، وأمام أعيننا… ولم نستطع حتى أن نذرف دموعنا، خوفاً من أن يقتلونا رشا بالرصاص، أو بقطع رقابنا بسيوفهم، وهم يصيحون مكبرين، ألله أكبر، الله أكبر، تماما كما يفعلون عندما يذبحون الماشية، وماذا أقول وأقول، المعاناة في سورية أكبر من كل الكلمات…
تدخل سمير محاولا أن ينهي حديث الوجع السوري فقال أنتما تتكلمان لغة عربية سليمة، قالت روزا هذه لغة الأندلس…
.
المؤلف: عبده داود
الى اللقاء في الحلقة 3
الحلقة السابقة تجدونها على جدار صفحتي الشخصية

شاهد أيضاً

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد حوار: د.هناء الصاحب …