كنتُ على نيّتي الصافية… حتى لوّثني غدرُ البشر
حين تُغتال الطهارة باسم الحذر
بقلم: هبة هيكل
إرشاد وتوجيه: شاكر أبو دنيا
في عالمٍ تُوزن فيه النوايا بميزان المصالح، ويُعدُّ الصمت ضعفًا، والطيبة عيبًا، وجدتُني أقف حائرًا أمام تحوّلي الداخلي.
لم أولد لئيمًا، ولم أُخلق بشكٍّ أو ظنٍّ ثقيل. بل على العكس، كانت نيّتي صافية كدعاء أمّ في السَحر، أظن الخير في الناس، وأمدّ يدي حتى لمن يقطعها.
لكن شيئًا فشيئًا، بدأت الندوب تتراكم. نظرات مُخادعة، ووعود كاذبة، وقلوب تتجمّل لتطعن. حينها فقط أدركت أن الطهر وحده لا يكفي، وأن النقاء قد يُصبح سلاحًا ضدّ صاحبه إن لم يُغلّفه الحذر.
ما كنت أحسبه خلقًا كريمًا، حسبه الناس ضعفًا. وما كنت أراه وفاءً، رأوه سذاجة. تعلمت من الخذلان ما لم تعلّمني إياه التجارب: أن الطيبة تحتاج درعًا، وأن الكلمة الطيبة لا تُقال في كل محفل، ولا لكل قلب.
لكن، في لحظة تأمل، وأنا أراجع نفسي، لم أجدني شريرًا كما وصفوني، ولا قاسيًا كما ظنّوا… بل وجدتني “أشدّ حرصًا”. أعيد حساباتي في العطاء، وأختار كلماتي بحذر، وأُخفي نيّتي الطاهرة كما يُخفى المصحف في الحروب.
في ضوء هدي النبوة، تذكرت قوله ﷺ:
“المؤمن كيّسٌ فطن”،
ولم يقل بسيطًا أو غافلًا.
فالطيبة لا تعني أن نُسلّم رقابنا، والنية الخالصة لا تعني أن نُغلق أعيننا عن الغدر. ما تعلمته ليس لؤمًا، بل توازناً بين صفاء القلب، وفطنة العقل.
وإن بدا للناس أنني تغيّرت، فليكن. فأنا فقط صرت أكثر وعيًا. لا زلت أحب، وأصفح، وأدعو للناس بخير، لكنني أفعل ذلك من خلف حائطٍ لا يراه إلا من يستحق العبور إليه.
هكذا أنا اليوم… لا لئيم، ولا غافل. فقط “مؤمن يتّقي الله، ويحذر الناس.”
بقلم: هبة هيكل
إرشاد وتوجيه: شاكر أبو دنيا