كبسولات نفسية 

#الصحفي_عمرو_مصباح

#عمرو_مصباح

#كبسولات_نفسية

#الدكتورة_غادة_حجاج

#غادة_حجاج

كتبت د/غادة حجاج

تم النشر بواسطة:عمرو مصباح

*تأثير الإنترنت وتدخله في موضوع التحرش الجنسي: بين التسهيل والمواجهة*

في العصر الرقمي الحالي، أصبح الإنترنت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، إذ يوفر فرصًا هائلة للتواصل والتعلم والتعبير عن الذات. لكن هذه الثورة التكنولوجية حملت معها جوانب مظلمة، أبرزها تسهيل أشكال جديدة من العنف والتحرش الجنسي، والتي تُعد امتدادًا للواقع لكن بآليات أكثر تعقيدًا. يتدخل الإنترنت في قضية التحرش الجنسي بشكل ثنائي: من ناحية، يُسهِّل ارتكاب هذه الجرائم ويُعقِّد ملاحقتها، ومن ناحية أخرى، أصبح أداةً فعّالة لرفع الوعي وتمكين الضحايا ومحاسبة الجناة.

 

## الإنترنت كوسيلة لتسهيل التحرش الجنسي

1. **إخفاء الهوية وتفشي التحرش الرقمي**:

يوفر الإنترنت إمكانية إخفاء الهوية عبر حسابات وهمية أو منصات مشفرة، مما يمنح المتحرشين شعورًا زائفًا بالأمان ويدفعهم إلى تجاوز الحدود الأخلاقية. تتنوع أشكال التحرش عبر الشبكة، مثل المراسلات الجنسية غير المرغوب فيها، والتنمر الإلكتروني، أو حتى تهديد الضحايا بنشر صور أو مقاطع فيديو خاصة بهم (الانتقام الإباحي).

 

2. **انتشار المحتوى المسيء**:

سهلت منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة الفورية نشر مواد تحرشية، مثل الصور أو التعليقات الجنسية المهينة. كما تُستخدم غرف الدردشة أو ألعاب الإنترنت كمساحات لاستهداف الضحايا، خاصةً الفتيات والمراهقين الذين قد يفتقرون إلى الوعي الرقمي الكافي.

 

3. **التنمر والابتزاز الجنسي**:

تُعد جرائم مثل “السيبرستوكينغ” (الملاحقة الإلكترونية) أو الابتزاز الجنسي عبر التهديد بنشر المحتوى الحميمي من أبرز التحديات. تظهر إحصائيات أن نسبة كبيرة من الضحايا، خاصة النساء، يتعرضن لشكل من أشكال التحرش عبر الإنترنت خلال مرحلة ما من حياتهم.

 

## الإنترنت كأداة للمواجهة والدعم

رغم سلبياته، أصبح الإنترنت أيضًا منبرًا للمقاومة:

1. **حملات التوعية والتحركات الجماعية**:

ساهمت حملات مثل #MeToo و#أنتي_ليست_لوحدك في كسر حاجز الصمت حول التحرش الجنسي، سواء في العالم الافتراضي أو الواقعي. تُستخدم المنصات لنشر قصص الضحايا، مما يخلق ضغطًا اجتماعيًا وقانونيًا لملاحقة الجناة.

 

2. **تمكين الضحايا ومساندتهم**:

توفّر العديد من المواقع والتطبيقات مواردَ لدعم الناجين، مثل الخطوط الساخنة للإبلاغ عن التحرش، أو نصائح حول كيفية حماية الخصوصية الرقمية. كما تتيح المجتمعات الافتراضية مساحة آمنة للضحايا لمشاركة تجاربهم دون خوف من الوصم.

 

3. **التكنولوجيا في خدمة العدالة**:

تعمل بعض الشركات التقنية على تطوير أدوات ذكاء اصطناعي لكشف المحتوى المسيء أو حظره تلقائيًا. بالإضافة إلى ذلك، أصبحت الأدلة الرقمية (كشاشات التصوير أو سجلات المحادثات) جزءًا أساسيًا في الإجراءات القضائية ضد المتحرشين.

 

## التحديات والحلول المقترحة

لا تزال مواجهة التحرش الجنسي عبر الإنترنت تواجه عقبات، مثل صعوبة تطبيق القوانين عبر الحدود، أو تناقض سياسات الخصوصية مع ضرورة حماية الضحايا. لذلك، تحتاج الحكومات ومنصات التواصل إلى تعزيز التعاون لإنشاء إطار قانوني وتقني صارم، مع التركيز على:

– **تشريعات رادعة**: تطوير قوانين تُجرّم جميع أشكال التحرش الرقمي وتُلزم المنصات بالتعاون مع الضحايا.

– **التربية الرقمية**: تثقيف المستخدمين، خاصة الشباب، حول مخاطر المشاركة المفرطة للمعلومات الحميمة وآليات الحماية.

– **دعم الضحايا نفسيًا وقانونيًا**: عبر توفير مراكز متخصصة في التعامل مع الجرائم الإلكترونية.

 

الخلاصة

يُظهر تدخل الإنترنت في قضية التحرش الجنسي تناقضًا جليًا بين قوة التكنولوجيا في تعزيز الشر أو مقاومته. فبينما حوّل الفضاء الرقمي التحرش إلى ظاهرة عابرة للحدود، فإنه أيضًا منح الضحايا سلاحًا للمطالبة بحقوقهم. لا يكمن الحل في حظر الإنترنت، بل في توظيف إمكاناته لخلق عالم افتراضي أكثر أمانًا، يعكس القيم الإنسانية ولا يتسامح مع العنف بأي شكل.

شاهد أيضاً

قياده حكيمه يتولاها الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى

كتب/ أيمن بحر منذ أن تولى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى قيادة مصر أحدث طفرة …