كبار النيران من صغائر الشرر
كتب : مدير مكتب الوطن الاكبر بالمغرب سمير ألحيان إبن الحسين
️يا مسلم كن بصيرا كي لا تطوقك الخطيئة
️قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ. وقالت العرب: معظم النار من مستصغر الشرر. الأشياء الصغيرة يمكن أن تكبر أحياناً لتكون أعظم مما كان أكبر منها بكثير. الصغائر التي نرجو من الله أن يغفرها قد يجعلها الإصرار عليها كبائر. شرارة صغيرة يمكنها أن تشعل صهريجاً هائلاً من الوقود. نظرة خاطئة في عيني مجرم مختل قد تدفعه أن يهيج ويقتل. أحداث كثيرة حصلت من أشياء صغيرة لا يتوقع المرء أبداً أن تؤدي إلى أي ضرر.
إحدى أشهر القصص في تاريخ العرب هي حرب البسوس، فهي كانت بدايتها ناقة لامرأة تشرب من بئر فقتلها أصحاب البئر، واستنجدت المرأة بأعدائهم فقتلوا رجلاً من هؤلاء، فأخذوا بثأره، ورد الآخرون #الثأر بآخر، وهكذا بدأ مفعول التداعي يُسقط الأحداث الواحدة تلو الأخرى حتى التهبت تلك الحرب بضعة وعشرين سنة وربما وصلت للأربعين بين قتل وتقتيل، وأصلها شرارة صغيرة .. ناقة. غير أنه أحياناً تفاجئنا الحياة بعكس ذلك: معارك وعداوات عظيمة تتحول إلى صداقات، ومن أطرفها قصة الرئيس الأمريكي أندرو جاكسون.
أندرو جاكسون هو #الرئيس #السابع #للولايات #المتحدة، ومن حاشيته المقربة رجل اسمه توماس هارت بينتون، وهو سيناتور قدير شهير، والغريب في المسألة أنه رغم أن بينتون ممن يثق فيهم الرئيس جاكسون ثقة تامة عمياء كمستشار، إلا أن بينتون في الماضي أطلق رصاصة على جسد جاكسون! كيف؟ لما بدأت حرب عام 1812م بين أمريكا وبريطانيا كان جاكسون قائداً للجيش وقتها، وبينتون من معاونيه، والاثنان كثيرا الخلاف والصراع على مسألة قديمة، والقائد جاكسون يغار من سمعة بينتون، وقد سبق لجاكسون أن قتل رجلاً أهانه. طفح الكيل، وذات يوم رأى جاكسون بينتون وانطلق وراءه بالمسدس، إلا أن جاكسون هو الذي أصيب برصاصتين أثناء تبادل إطلاق النار وكاد أن يموت. من تلك اللحظة أدرك بينتون أن رفاق جاكسون سيقتلونه ثأراً لو رأوه، فقرر أن يترك فيرجينيا ويهاجر لولاية ميزوري، وقال قبل أن يهاجر: «لا أرى مَنجىً مما أنا فيه، فإما أن أَقتُل أو أُقتَل»، ومضى لوجهته الجديدة. بعد سنين ذهب جاكسون لواشنطن العاصمة وصار رئيساً، وظن البعض أنه سيقتل بينتون والذي صار سيناتوراً شهيراً في ولايته الجديدة، إلا أن جاكسون أصلح ما بينه وبين بينتون وصار الاثنان حلفاء بدلاً من أعداء، وخاضا معارك سياسية قوية ضد خصومهما. كانت الرصاصة شبه القاتلة مستقرة في جسد جاكسون كل هذا الوقت، ذلك أن الأطباء أنقذوا حياته لكن لم يقدروا أن يخرجوها، وبعد عشرين سنة أخيراً استطاعوا إخراجها، فأخذها جاكسون وأهداها لمُطْلِقِها بينتون والذي رفض استلامها قائلاً: «لقد ظلَّت معك عشرين سنة، أنت الأولى أن تحتفظ بها!»
نستخلص من كل هذا الذي قدمناه واسلفناه أنه عندما تغيب الحكمة ويغيب البصر والبصيرة فإن الأمور تتطور لما لا يحمد عقباها في الدنيا والآخرة أما إدا حدثث ووقعة فدورك ودوري هو موقفنا وتموقعنا منها هل نحن في الجانب الصح أما نحن ضحايا الخطأ والخطيئة التي ستطوقنا مدي حياتنا فالمسلم في المنتهي والأخير هو سيد المواقف وليس سيدا للشعارات والإنكسارات والمخاوف .