قصيدة : ” سبيل النجاة ”
بقلم : سمية شرحبيل
تفيض بِنا الحياة رحمة
كي نكمل المسير
تخطو بنا الخطوات
إلى درب اليسير
فلا نسلك إلا العسير
نعبر جسور القهر
نتجرع كؤوس المرار
كي نعلن الرحيل
الى دار القرار
فلا قرار و لا فرار
و لا سبيل …
نتهادى في الآفاق
و بين الأعماق
نحاول أن نكون
و لا نكون …
تتلقفنا شراك العابثين
الماردين المدججين
بأسلحة الدمار
فنغدو مطاردين
في طريق الإنهيار
نجابه الإندثار
ننازل السقوط
ننافح البوار
نكافح الهبوط ..
إلى هوى الجحيم
و درك الدمار
نتردى في سراديب الأفول
و متاهات الذبول
يتوه منا القرار
نعبر مسالك الأشواق
تزهر منا الأشواك
لسنين عجاف
تنثر في الحقول
رحيقا سما زعاف
ينهمر كعبرات الندى
لينعش ظمأ القلوب
و قهر القلوب
و تربة منسية
طالها الجفاف
تنبت زهرات الآثام
من رحم الظلام
و مهجع الهوام
تبدو منظمة
منتظمة الإصطفاف
ديمومية الإلتفاف
تنسلخ من الأبدان
تبارح الوجدان
تطارح الأدران
تتحول إلى أوثان
تنتصب كالغربان
تختال في الفضاء
تكتسح الهواء
تتدثر بأكفان
و أردية البلاء
تتراقص على ..
جثت الرميم
تتختل على ..
ناصية الهشيم
تتباهى في خيلاء
تبدو خالية من البهاء
منعدمة الوفاء
منمقة بالجفاء
مكللة بالرياء
تضج كالصرير
تعج كالهدير
في كل الأرجاء
و شتى الأنحاء
تتأهب للنفير
تنتشر في الأوطان
تكتسح الأركان
على ضفاف الكون
و قارعة الحياة
تتقيد بالولاء
تتهيأ للإستيلاء
تتلحف بأعبية الخفاء
و الإجلاء
تزهر من رحم العدم
أعلام و رايات
و آيات و شعارات
مبهمة مظلمة
حالكة هالكة
كليل بهيم
منطفيء منكفيء
في ذرى العلياء
مسومة بالإنتماء
مغلفة بالإختباء
مسجاة بالإنحناء ..
يسود صمت رهيب
كأن الكون في سبات
أو آل إلى الممات
أو خانته الكرامة
و أغرته القوامة
و خذله الإباء
تصير الدنيا فارغة
الا
من أقنعة و رموز
تصادر الرفاء
و تؤسس للجلاء
ترفع شعار
الما يجوز
و اللا يجوز
و الصحيح و الضعيف
و المكروه و اللامكروه
تعيد زمن النجاسة
و النخاسة
إلى أديم الأرض
و رحم السماء
تقيم عهد المتعة
و البضعة
تهفو للرفعة
و السمعة
تحيي عصر الإنتشاء
و الإختلاء و الإشتهاء
و الإلتهاء و الاإكتفاء
تحيل الحياة
الى لا حياة
تنخر قوام الحرية
فتغدو سليبة
سبية بين أحضان
الجهل و غياب العقل
تعبث بها آلة الوأد و القتل
فتحيلها إلى رفات
إلى بقايا فتات …
بل مجرد أجداث ..
ترديها أشياءا و أشلاءا
تكبها في مطارح الحياة
حين الإبتداء
و بعد الإنتهاء
تردها شتات ..
تغدو المدن العامرة
أجلافا و أطيافا
و أطلالاو ظلالا
و رموسا و غموسا
و الطبيعة البهية
قاحلة يبوسا
صماء بكماء
مجردة من البهاء ..
أتيه بخافقي
في دروب الهلاك
إذ يتلاشى الوجود
و تتأسس الحدود
على جراح و نياح
و موت زؤام
صنيعة اللئام ..
أقف بعيدا
على جبل من ركام
جبل من بقايا أشلاء
متدفق بالدماء
أحاول الإعمار
أرتجي البناء
أنادم الإصرار
أكابد العناء
يخذلني الإنهمار
يغلفني الإنهيار
يلفني الإخفاق
أبتغي الإزهار
أحارب الإنطمار
أحرر بصيرتي
في سحب الآفاق
فأبدو عاجزة
عن الانعتاق
أحاول أن أموت
فلا أموت
أعود أدراجي
لميلاد الحياة
لأسلك طريقا
غير الطريق
و أعبر جسورا
خالية من عناء
أدك الأرض
فيجيبني صدى الفناء
ألملم الروح
و أعبر من جديد
حيث اللاعودة و اللاركود
و اللإنكفاء …
تتلقفني خطوات الغيب
نحو المغيب …
تأسرني ترهقني ترهبني
كي أموت فلا أموت
فأنا كائنة أسيرة الاختيار
تختارني الحياة
لكي أعبر طريق النجاة
و نهج الإباء …
أسلك سبيل الرحمة
و العدل و المساواة
أنحو منحى الحكمة
أحيي عهد الكلمة
أنثر بذور الفضيلة
تربو فسائل الحقيقة
زاهية بهية
أنيقة أليقة
تسود في دروب الإهتداء
فتغدو الحياة
لا كالحياة
و تزهو المعابر
بالطيبات
تعود بي ذاكرتي
إلى ما ناء و ما فاء
و ما فات و ما هو آت ..
فأرنو بروحي نحو الآت
و أمحو من ذاكرتي ما فات
فلا عودة و لا رجوع
و لا انكفاء و لا انطفاء
و لا دليل و لا سبيل
إلا سبيل النجاة ..