بقلم الدكتورة / حنان عبد الكريم
ليلة القدر أفضل الليالي وأشرفها وأجلها قدرا وأعظمها منزلة، وهي إحدي ليالي شهر رمضان، والعمل الصالح فيها خير من العمل الصالح في ألف شهر ليس فيه ليلة القدر، حيث قال تعالى: “لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)”.سورة القدر
وقال تعالى: “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4)” سورة الدخان
وقال تعالى:”تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4). سورة القدر
قال الإِمام القرطبي في تفسيرها: “أي: تهبط من كل سماء ومن سدرة المنتهى فينزلون إلى الأرض ويُؤَمِّنون على دعاء الناس إلى وقت طلوع الفجر، وتنزّلُ الملائكة والروح في ليلة القدر بالرحمة بأمر الله تعالى وبكل أمر قدره الله وقضاه في تلك السنة إلى القابلة”. الجامع لأحكام القرآن 20/133.
وقتها: وأرجح الأقوال عند العلماء أنها في ليلة السابع والعشرين من رمضان، قال أبي بن كعب: «والله لقد علم ابن مسعود أنها في رمضان، وأنها في ليلة سبع وعشرين، ولكن كره أن يخبركم فتتكلوا» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح (2/152).
وعن معاوية «أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر: ليلة سبع وعشرين» سنن أبي داوود (1/526)
ويرجحه قول ابن عباس: «سورة القدر: ثلاثون كلمة، السابعة والعشرون فيها: هي». جمال القراء وكمال الإقراء للسخاوي (1/69).
وروى أحمد بإسناد صحيح (8/89) عن ابن عمر حديثاً نصه: «من كان متحرّيها فليتحرها ليلة سبع وعشرين، أو قال: تحروها ليلة سبع وعشرين».
والحكمة في إخفائها: أن يجتهد الناس في طلبها، ويجدّوا في العبادة طمعاً في إدراكها، كما أخفيت ساعة الإجابة يوم الجمعة، وأخفي اسمه الأعظم في أسمائه، ورضاه في الحسنات.
والمستحب أن يدعو المؤمن فيها بأن يقول: «اللهم إنك عفو، تحب العفو، فاعف عني» لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله، أرأيت إن وافقت ليلة القدر، ماذا أقول فيها؟ قال: «قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو، فاعف عني» (4). ؟متفق عليه، أخرجه البخاري ومسلم، الاختيارات الفقهية لابن تيمية1/318.
فضلها: هي من أفضل الليالي على الإطلاق، يستحب طلب ليلة القدر؛ لأنها ليلة شريفة مباركة معظمة مفضلة، ترجى إجابة الدعاء فيها، وهي أفضل الليالي حتى ليلة الجمعة قال تعالى: “ليلة القدر خير من ألف شهر”. القدر:3
أي قيامها والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر خالية منها.
وقال صلّى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه»
وعن عائشة أن النبي كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل، وأيقظ أهله وشد المئزر»متفق عليه، أي اعتزل النساء.الاختيارات الفقهية لابن تيمية1/318
وأما علاماتها: فالمشهور فيها ما ذكره أبي بن كعب عن النبي صلّى الله عليه وسلم: «إن الشمس تطلع في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها»، وفي بعض الأحاديث: بيضاء مثل الطست» وروي أيضاً عنه صلّى الله عليه وسلم: «إن أمارة ليلة القدر: أنها ليلة صافية بلجة، كأن فيها قمراً ساطعاً، ساكنة ساجية، لا برد فيها ولاحر، ولا يحل لكوكب أن يرمى به فيها حتى تصبح، وإن أمارتها أن الشمس صبيحتها تخرج مستوية، ليس فيها شعاع، مثل القمر ليلة البدر، لايحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ»
وروى ابن خزيمة من حديث ابن عباس مرفوعاً: «ليلة القدر طلقة لا حارّة ولا باردة، تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة» ولأحمد من حديث عبادة: «لا حر فيها ولا برد، وإنها ساكنة صاحية، وقمرها ساطع»،
وورد في علامتها أحاديث منها عن جابر بن سمرة عند ابن أبي شيبة، وعن جابر بن عبد الله عند ابن خزيمة، وعن أبي هريرة عنده، وعن ابن مسعود عند ابن أبي شيبة وعن غيرهم.الجامع لأحكام القرآن 20/137