بقلم رجب أبو الحسن
لرؤية القاصرة أو القصيرة ما لهاش علاقة بحجم عينك، وإلا ما كانش اليابانيين بعيونهم الضيقة تفردوا لدرجة انهم تقريبا بنوا كوكب خاص بيهم ، اه اليابانيين أصحاب العيون الضيقة عايشين في كوكب رغم ضيقه، أكتر اتساعا من كوكب يسكنه من وهبهم الله عيونا أوسع، وعقول أقل اتساعا من عيون اليابانيين، كوكب مختلف كل الاختلاف عن ما يسمى كوكب الأرض، مواطنو كوكب اليابان وبعيونهم الضيقة دي شافوا لمسافة 100 سنة قدام، واليابان اللي كانت من تمانين سنة تقريبا خرابة من خرابات خالد يوسف، وجبانة كبيرة لأشلاء مش بس الجنود، لكن كمان المدنيين اليابانيين، ده طبعا بعد ما خسروا الدهن والسقط في الحرب العالمية الثانية، واللي اتجرعوا بنهايتها أمر الخسارات، بعد قنبلتي هيروشيما و نجازاكي، أول تجربة نصف ناجحة لإفناء جنس بعينه، أصبحت شيئا مختلفا.
أصبحت يابان تانية، الأكثر تحضرا، والأبرز تقدما، والأكثر تمسكا بقيم يراها أصحاب العيون الواسعة أشياء أكل الدهر عليها وشرب. قصر النظر المرضي، ما لوش علاقة بقصر النظر الحقيقي، وحجم عينك لا يتناسب بشكل طردي مع حجم ما ترى، صورة العالم كله بماضيه وحاضره بتتجمع على شبكية عينك ذات النص مللي سمك، العالم كله لديك، ليه بتختار أدقه علشان يضيق عليك فتتخنق، تزهد كل البراح ده، وتختار قبو ضيق عميق الانحدار علشان يبلعك؟ قبو لا يكتفي بكونه شديد الضيق، بل إنه مستمر في التضييق عليك وكأنه ثعبان أناكوندا ابتلع إحدى ضحاياه التائهات وقد اختطفتهم مياه الأمازون الغادرة، شيء لا يقبله حتى الكائنات أحادية الخلية. الاكتفاء بجزء صغير تشوفه، وتكتفي بالنظر إليه، بل والتمعن في جزيئاته شديدة الدقة دون سبب وجيه، هو شيء بالغ السذاجة، وضيق الأفق، لا يمكن وصف صاحب هذه النظرة إلا كما تصف عابر سبيل استضفته في دار حيث النعم تتمرغ الخيول في زعفرانها، كسحابات أخفت عنا صفحة السماء فلا نعلم هل جن علينا الليل، أم أنه نهار ينتحب حزنا على شمس غابت، ثم لا يرى هذا العابر من التقفته ينازع الموت سوى ذرات التراب التي قذفت بها الريح فوق رياض من ثمار الجنة، وزهور ذات عطور تفوق ما كان ينبعث من ابن عمير. زهد احمق، ورضا بعيش الأذلاء، كافري النعائم، قصيري النظر، معدومي البصيرة من يسكنون الثريا، ثم إنهم كذباب يهوى سكنى صفائح القمامة، ولا يستنشق سوى روائح الفضلات، اريد هذا الثرى، يا الله، ترقض ارتقاء منحت إياه لتهوى حيث يسكن البعوض؟ ما قوم موسى ببعيد، رأوا الآيات جبال شامخات، ثم اختاروا عجلا يعبدوه…
تلخيصك للسعادة في نجاحك في الحصول على الوظيفة سين، أو الارتقاء للمكانة صاد، ضيق وتضييق، جحود وجمود، اختصار العالم في شخص ما، أمك، أبوك، أخوك، حبيب أوحبيبة، قصر نظر، ونكران لفضل صاحب الفضل الأول، جميل إنك تحب، وتتحب، لكن ما تحبش كلك، وكمان ما تكرهش كلك. اقتبس فكرة هرم ماسلو وترتيبه للاحتياجات الانسانية، ورتب مصبات نهر مشاعرك، واسمح لي اغششك مين صاحب أول مصب، اللي خلق فيك البصر، وأمرك بالتبصر، والتفكر والتدبر، اللي خلق لك كل هذه البقاع، وجميع هذا الإتساع، لا تختصر كل هذا البراح في شخص زائل، أو مكانة زائفة، ففيه من الغباء الكثير، بل الكثير جدا، بص كويس الصورة مش بس شكل، فيه كمان أرضية، الجمال لا يرى ، بل يكتشف، والساعة اللي عايشينها ستين دقيقة، بلاش تضييق، انطلق فالعالم فسيح، وسلام جميل