أخبار عاجلة

علي الدرورة والسيرة الثقافة

 

 

بقلم :سلمى المغراوي.

تم النشر بواسطة:عمرو مصباح

 

ما زال علي الدرورة عنوانًا ثقافيًا براقًا يلمع في جنح الدياجي فيضئ بعلمه دروب المعرفة للجيل المعاصر والأجيال القادمة بأنوار المعرفة المشرقة، وينهلوا من ينابيع كتبه شهد الحكمة والمعرفة.

 

علي الدرورة الذي يأخذنا إلى عوالم أكثر جمالًا بخياله الواسع، حيث ينسج بثقافته عوالم ممتدة مليئة بالجماليات والصور والحكايات والأساطير.

 

لم يكن علي الدرورة مؤرخًا فحسب، كما هو معروف عنه في دول الخليج حسب السجلات الرسمية للمؤسسات المختصة في التراث والتاريخ، أو شاعرًا على مستوى الوطن العربي، بل هو المثقف المتعدد العطاءات، فهو مؤرخ وشاعر وفنان تشكيلي وناقد في الفنون البصرية، وسارد، له باع طويل في أوجه ثقافية متعددة، فهو خبير في التراث واللسانيات والفلك والدين والنقد الأدبي وغير ذلك من العلوم والفنون، إنه كان وما زال يكتب في 12 فرعًا من فروع المعرفة، وقد أصدر في كلّ فنٍّ من تلك الفنون مجموعة من الكتب، فأيّ مثقف مثله يمتلك هذه القدرة من العطاء في الثقافة والمعرفة.

 

ولعلي الدرورة سيرة طويلة محاطة بالأزاهير، تلك السيرة العطرة لها تاريخ طويل مليء بالحضور العلمي المميز على مستوى الوطن العربي في المؤتمرات والمهرجانات والملتقيات، ومنذ سنوات طويلة جدًا، حيث صدم كلّ من عرفه من الشعراء بنتاجه الشعري الغزير، فالشعر زاده اليومي المستمر كما عرفنا عنه من أحاديثه العديدة، كما صدم الأدباء من غزارة إنتاجه الثقافي وعمقه المعرفي على أكثر من صعيد.

 

إنّ التنوع الجمالي في شعر الدرورة الذي صيغ بخيال شاعر حاذق يعرف جيّدًا أبعاد الكلمة ومعانيها وكيف يوظفها في قوالب جمالية بعيدة الغور.

 

والدرورة قد خبر مهام البحث العلمي، وتوج الأبعاد المعرفية، وكأنه حلم قد تم تحقيقه، ولهذا عرف على مستوى الوطن العربي من الشعراء والنقاد وأرباب المهرجانات والملتقيات والتظاهرات الثقافية، كما أبهر الأدباء بنتاجه الثقافي الذي لم يقدّمه أيّ أديب على مستوى الوطن العربي.

 

إنّ مستوى الإبهار الذي قدّمه بعد سنوات طويلة جدًا من الكفاح الثقافي، جعل النقاد من العراق إلى موريطانيا يتهافتون على دراسة شعره، وقد قال ذات يوم في لقاء صحفي:

(لقد أنصفني النقاد بدراساتهم النقدية وهي كلّها ولله الحمد مطبوعة)، إلى جانب ذلك تكريمه في المحافل الدولية لعطائه الثقافي الجم في الثقافة، إذ تم تكريمه في 7 دول عربية بين عامي 2010 – 2025 وهي: مصر 5 مرات، وتونس مرتين، وفي المغرب مرتين، ومرة واحدة في كلّ من: قطر وموريطانيا والجزائر والأردن.

وتكريمه لم يأتِ من فراغ وإنما لتكريسه جلّ سنواته في نشاط العلم والدراسة والأدب، وشغفه لذلك وحرصه الدائم في البحث وتقصي المعلومات وتدوينها ودراساتها بدقة، وتقديمها في حلة قشيبة تخدم الإنسانية عبر الأزمان التي سوف تظلّ راسخة في عقول أهل العلم والأدب والثقافة بشكل عام.

 

فكلّ ذلك العطاء الثقافي اللامحدود له وقع خاص حيث أبدع في صياغة الثقافة المعاصرة من أوجه عديدة، فهو يعرف جيّدًا كيف يختار الموضوع وينتقي الدراسة بأسلوب علمي رصين ليأتي ذلك تجسيدًا للصفاء والنقاء وتكريسًا وخدمة للعلم والمعرفة، الذي سعى الدرورة وما زال يسعى إليه بكلّ ثقة وحزم حتى يحقق ما يصبو إليه من أمجاد ثقافية في عوالم المعرفة.

 

لقد عرفنا هذا النهج عند علي الدرورة منذ فترة زمنية فهو دائمًا يوظف خبرته في البحث العلمي، حيث يستقصي المعلومات بكلّ دقة من أمهات المراجع والمعاجم، الأمر الذي جعلة باحثًا محترفًا منذ البدايات.

 

لقد بلغت شهرة الدرورة في دول الخليج كمؤرخ وخبير في التراث الشعبي، وإنه أحد المؤرخين المعروفين في الخليج فهو باحث ومحاضر في التاريخ ومتخصص في فترة النفوذ البرتغالي للخليج وسواحل الهند، وهي الفترة التي بدأت من عام 1502 وحتى عام 1698م، إلى جانب أنه خبير في التراث الشعبي بصفة عامة، ولا سيما البحري والزراعي والمعماري، وإصداراته في هذا الجانب معروفة على مستوى الخليج العربي.

 

أما عن شهرة علي الدرورة كشاعر فقد عرف من الخليج إلى المحيط، وشارك في المهرجانات الشعرية ولسنوات طويلة جدًا، وكرم فيها، وقد كتب عنه نقاد عرب كثيرون وأعدّوا عنه دراسات نقدية عديدة، وكلها دراسات مطبوعة، وحين يذكر الشعر يذكر علي الدرورة الذي بلغ بجمالياته كلّ عالم الجمال حيث وظف الأزهار والمخلوقات الجميلة في شعره، وهو الشاعر الوحيد الذي جعل من مادة البخور مرتعًا شعريًا فأصدر في هذا الصدد 16 ديوانًا إلى جانب عشرات الدواوين في زوايا ومفاهيم مختلفة الجوانب.

 

الدرورة لم تحدّه حدود ثقافية طوال حياته، ولم توقفه عقبة كأداء، بل كان منطلقًا إلى آفاق أوسع، إذ عاش كلّ تفاصيل الفصول والمتابعات والأبحاث العلمية، كما تابع الجديد في العلم الحديث، ونجد في سيرته الشمولية ما يدهش كلّ مطلع لغزارة نتاجه العلمي السنوي، إذ سطر اسمه بالذهب في العواصم العربية بحضوره البارز والمستمر واللافت للنظر على مدار العام، حيث حقق كلّ الأهداف الثقافية والأدبية بكلّ أبعادها الجمالية كما نعتقد، التي كان يتطلع إليها، حيث وضع 20 معجمًا وموسوعة في مواضيع شتى، ومنها في التراث واللسانيات والثقافة بشكل عام، وهذه تكفينا فخرًا بقامة سامقة لهذا الأديب ذي العطاء الثقافي اللامحدود.

 

لقد حضرت معه ملتقيات ثقافية متنوعة في تركيا وتونس والمغرب، ورأيت الإشادة به وبعمله وأسلوبه وعطائه الباذخ الذي شهد به الجميع، حيث افتخر به الأدباء والمسؤولون بشخصيته الفذة.

 

ولقد واكبنا الأعمال الثقافية المتنوعة للشاعر والمؤرخ علي الدرورة في جميع فروع العلوم والثقافة والمعرفة التي يفاجئنا بها في رصد بيبليومتري في نهاية كلّ عام، ولا شك أننا سنواكب عطاءه العلمي والأدبي الوارف.

____

كتب هذا المقال بمناسبة صدور التقرير الثقافي السنوي 15، وهو الفتح الثقافي للدكتور علي الدرورة الذي يضم كلّ الأعمال والمناشط الثقافية لعام 2024.

شاهد أيضاً

الثوابت الوطنية المصرية باتت جلية للقاصي والداني في موقف مصر من تصريحات ترامب الدعائية حول تهجير أهل غزة والضفة الغربية 

مقال رأي بقلم محمد عبد العزيز كاتب وباحث اقتصادي ومتخصص في الشئون الأفريقية تصريحات ترامب …