“عبور المجد .. حين انتفضت الأرض واستعاد المصريون الكرامة في أكتوبر 1973”
بقلم/ أحمد نجاح البعلي
في السادس من أكتوبر عام 1973، دوّى صوت الحق فوق رمال سيناء، معلناً ميلاد فجر جديد للأمة العربية. لم يكن ذلك اليوم مجرد معركة عسكرية، بل كان لحظة فاصلة في تاريخ مصر الحديث، لحظة أعادت فيها الأمة الثقة إلى نفسها، واستعادت الأرض والكرامة بعد سنوات من الإنكسار.
بدأت القصة مع شمس يوم العاشر من رمضان، حين عبرت قواتنا المسلحة قناة السويس في ملحمة بطولية أذهلت العالم. تحطمت أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”، وسقطت خطوط الدفاع المنيعة في ساعات معدودة أمام إرادة لا تعرف المستحيل. كان العبور رمزاً لإرادة أمة بأكملها، لا لإرادة جيش فقط، إذ امتزجت دماء الجنود بعرق العمال والفلاحين، ودعاء الأمهات، وصبر الوطن الذي لم يفقد الأمل يوماً.
لم يكن النصر وليد الصدفة، بل ثمرة إعداد طويل وتخطيط دقيق، شارك فيه كل مصري بطريقته. من غرف القيادة إلى المصانع، ومن المدارس إلى الحقول، كان الجميع جزءًا من معركة التحرير. جسّد أكتوبر روح الوحدة الوطنية في أبهى صورها، حين تلاشت الفوارق، وتوحد الهدف: استعادة الأرض والعزة.
اليوم، وبعد مرور أكثر من خمسة عقود على ذلك النصر العظيم، تظل ذكرى أكتوبر نبراسا يضيء طريق الأجيال الجديدة. فهي ليست مجرد ذكرى عسكرية، بل درس خالد في الإصرار والتحدي والإيمان بالقدرة على التغيير. إنها دعوة متجددة لأن نحافظ على ما تحقق، وأن نواصل البناء بروح أكتوبر، تلك الروح التي لا تعرف الانكسار.
في كل عام، حين تحل ذكرى السادس من أكتوبر، تتجدد مشاعر الفخر والعزة في قلوب المصريين. يتذكر الجميع أن النصر لا يُمنح، بل يُنتزع بالإرادة والعمل والإيمان. وأن مصر، التي عبرت المستحيل بالأمس، قادرة على عبور كل التحديات اليوم وغداً.
ختاماً، يظل انتصار أكتوبر 1973 علامة مضيئة في سجل التاريخ، وشهادة خالدة على أن الشعوب التي تؤمن بحقها لا تُهزم، وأن الكرامة لا تُسترد إلا بالتضحية. هو يوم كتب فيه المصريون بأحرف من نور قصة وطن لا يعرف الإنكسار، ووضعوا للعالم درساً خالداً في معنى النصر الحقيقي..