عبادة يسيرة يستهين بها كثير من الناس يدفع بها
المخاطر…تعرف عليها
متابعة: عزيزةمبروك: الإسماعيلية
خطبة الجمعة اليوم…. جبر الخواطر عبادة يسيرة ليس شرطا أن تبذل فيها مالا أوجهدا.. فيمكن أن تتحقق بابتسامة مسحة على رأس يتيم و إماطة الأذى و التواضع مع الغير ورفع الحرج عنهم…وهكذا. (جبر الخواطر) من أعظم العبادات إلى الله عز وجل لذا كان من ثواب فاعلها أن يكافئه الله عز وجل بجبر خاطره ويكفيه شر المخاطر.
يوضح الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أن جبر الخواطر هو (الإحسان إلى الآخر أو الغير)، وقد جسد النبى صلى الله عليه وسلم هذه العبادة فى سلوكه فكان يجبر بخاطر الأرامل واليتامى والاطفال والمساكين ويتفقد أحوال الرعية ليجبر بخاطرهم ويخفف عليهم الأثقال والهموم وكان يحرص على استشارة صحابته فى كثير من الأمور (والمشاورة هنا تعنى جبر الخواطر) والنبى صلى الله عليه وسلم لا يحتاج لأن يشاور أحداً منهم ولكن أمره الله بالمشورة جبرا لخاطرهم وامتدت رحمته صلى الله عليه وسلم أنه كان جابرا لخاطر كل من حوله حتى المخطئ منهم كان يتحدث عنه بالتورية (ما بال أقوام..).
فليتنا نحرص على هذه العبادة بأن نجعل التحية والسلام والإكرام شعارنا، وأن يكون التراحم هو العلاقة السائدة بيننا.
أضاف: ومن القربات التى حضنا عليها النبى صلى الله عليه وسلم إدخال السرور على المسلم، وأن نمد له يد العون وقد قال صلى الله عليه وسلم: (الله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه) (فمن يسر على معسر يسر الله له)، فمعونة الناس والرفق بهم، والإحسان إليهم صور عملية تطبيقية من جبر الخواطر ولا حدود لها من الثواب ولكنها مسببة للفلاح والنجاح فقد قال تعالى: (وافعلوا الخير لعلكم تفلحون). وقال: (وتعاونوا على البر والتقوى) وقال صلى الله عليه وسلم: (خير الناس أنفعهم للناس).
قيمة أخلاقية
أضاف ” كريمة ” أن (جبر الخواطر) فى شهر رمضان قيمة أخلاقية عظيمة وهذه القيمة الأخلاقية لها صور عديدة أعلاها (صلة الأرحام) التى حضنا الشارع على صلتها فقال تعالى: (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل) وقول النبى صلى الله عليه وسلم،: (من أراد أن يبارك له فى رزقه وفى عمره فليصل رحمه) وبالذات فى الطبقات الأولى
مثل: (الوالدين الأولاد، الأخوة، الأعمام والعمات والأخوال والخالات، وأولادهم)، والحذر من الجفاء عنهم لأن الله حذر فى القرآن الكريم فقال تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِى الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) ومن جبر الخواطر أيضا صلة الجيران لأن وصية الجار من وصايا القرآن الكريم، فقال تعالى : (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِى الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُب) وحديث النبى صلى الله عليه وسلم، (مازال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) ثم جبر الخواطر، لها شرائح أخرى فى المجتمع يجب أن نصلهم، منها العلماء وقراء القرآن الكريم والدعاة بعد ذلك المسارعة والمنافسة فى مواساة ذوى الحاجات من الفقراء والمساكين ففى الخبر عن سيد البشر صلى الله عليه وسلم، كان النبى، صلى الله عليه وسلم (أجود الناس وأجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل عليه السلام فيدارسه القرآن) فرسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة وهذا وصف عبدالله بن عباس رضى الله عنهما له،
أيضا من جبر الخواطر التخفيف عن ذوى الحاجات ويدخل أيضا فى تفطير الصائم بقوله صلى الله عليه وسلم (من فطر صائما كان له مثل أجر الصائم من غير أن ينقص من أجره شيئا) والمراد بتفطير الصائم ليس بالولائم والعزائم كما يظن البعض ولكن يمكن على شربة حليب أو تمرات أو عجوة فإن لم يجد فعلى عصير أو ماء وهكذا.
العلاقات الاجتماعية
أشار د. كريمة إلى أن من باب جبر الخواطر كذلك الحفاظ على العلاقات الاجتماعية فيا حبذا لو أن المسلمين لهم زملاء أو جيران من أهل الكتاب تم تبادل التهانى فى مناسباتهم الاجتماعية ويعظم أجر هذه العبادة إذا ما أقترنت بالتكافل وتقديم الطعام إحياء لسنة الأشعرية هم أهل اليمن الذى أثنى عليهم النبى صلى الله عليه وسلم لحرصهم على ذلك قال الإمام الحسن رضى الله عنه (كثرة اللقم تدفع النقم) فإطعام الطعام من القربات العليا، وذكر الله ذلك فى استفاضة فى سورة الإنسان (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِى الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) فهذه الصور تقوى البنيان والكيان الاجتماعى ببركات شهر رمضان.
يقول الدكتور فتحى خالد الداعية الإسلامى إذا أمسكنا بكتاب الله نجد أن أغلب الآيات تدعونا إلى جبر الخواطر وحينما غرق ابن سيدنا نوح عليه السلام جبر الله بخاطره بقوله تعالى : (فحال بينهما الموج فكان من المغرقين) فجبر الله خاطر سيدنا نوح عليه السلام وجبر الله خاطر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: (فلنولينك قبلة ترضاها) ولم يقل (نرضاها)
ولا ننسى حين قدوم النبى صلى الله عليه وسلم من الطائف بعد أن سخروا منه رجع وقلبه مليء بالحزن والهم لأن خديجة انتقلت للرفيق الأعلى وجاءت لحظات صعبة شديدة على النبى صلى الله عليه وسلم شعر فيها بالمرارة والحزن الشديد والهجر والحرمان ولكنه كان واثقا فى حب الله له وأنه سيجبر خاطره فإذا بجبريل يوقظه من نومه ويأمر البراق بأن تمطى للنبى وقال له اثبت يا براق لم يعتل ظهرك أشرف من محمد صلى الله عليه وسلم فهو جبر خاطر من الله بهذه الرحلة المباركة بل الأكثر من ذلك أنه صلى بكل الأنبياء وهم ألوف كل يشكو حاله ولكن النبى صلى الله عليه وسلم يحمل لواءهم ثم يصعد لرب السماء بعد طول معاناة أليس أجمل من هذا فى جبر الخواطر