صفقات سلاح روسية لإثيوبيا.. مزاعم انتقام من مصر بلا سند سياسى أو عسكرى

 

صفقات سلاح روسية لإثيوبيا.. مزاعم انتقام من مصر بلا سند سياسى أو عسكرى

كتب/ أيمن بحر

تداولت بعض المنصات الإعلامية خلال الأيام الماضية مزاعم تفيد بقيام روسيا بنقل شحنات عسكرية ثقيلة إلى إثيوبيا، وجرى تصوير هذه التحركات – دون أدلة موثقة – على أنها رسالة انتقام من مصر على خلفية تعثر صفقة مقاتلات سوخوى 35.
غير أن القراءة التحليلية الهادئة لطبيعة العلاقات المصرية–الروسية وتشابك المصالح الاستراتيجية بين البلدين تكشف بوضوح أن هذه الرواية تفتقر إلى المنطق السياسى والاقتصادى والعسكرى.

استثمارات روسية عملاقة فى مصر
تنفذ روسيا داخل مصر أحد أكبر استثماراتها الخارجية على الإطلاق يتمثل فى مشروع محطة الضبعة النووية بتكلفة تقارب 28 مليار دولار. هذا المشروع الاستراتيجى طويل الأجل يعتمد فى نجاحه على استقرار الدولة المصرية واستدامة تشغيل المحطة سواء فى إنتاج الكهرباء أو الاستخدامات البحثية والطبية والصناعية. ومن غير المتصور أن تُقدم موسكو على أى خطوة قد تعرّض هذا الاستثمار الحيوى للمخاطر.

المنطقة الصناعية الروسية بمحور قناة السويس
إلى جانب الضبعة تعمل روسيا على إنشاء منطقة صناعية كبرى داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تضم صناعات ثقيلة وخطوط إنتاج استراتيجية موجهة للتصدير إلى إفريقيا والعالم العربى. هذه الشراكة الاقتصادية طويلة المدى تعكس عمق الثقة المتبادلة ولا تتسق مع أى سلوك تصعيدي ضد القاهرة.

شراكة تجارية واستراتيجية مستقرة
يتجاوز حجم التبادل التجارى بين مصر وروسيا حاجز 7 مليارات دولار سنويا في مجالات حيوية تشمل الطاقة والقمح والصناعات الثقيلة والمعدات الاستراتيجية. هذا المستوى من التعاون يضع العلاقة فى إطار الشراكة المتكاملة لا فى خانة الخلافات العابرة أو ردود الفعل الانفعالية.

تعاون عسكرى ممتد
تعتمد القوات المسلحة المصرية على منظومات تسليح روسية متنوعة ومتقدمة تشمل مقاتلات ومروحيات هجومية ومنظومات دفاع جوي وصواريخ ساحلية ورادارات إنذار مبكر إضافة إلى تعاون تقني في مجالات الاستطلاع والأقمار الصناعية. هذا العمق العسكرى يجعل من مصر أحد الشركاء الرئيسيين لروسيا فى الشرق الأوسط، وهو ما ينفى أى منطق لدعم طرف إقليمى على حسابها.

تنسيق سياسى رفيع المستوى
شهدت العلاقات السياسية بين القيادتين المصرية والروسية تطورًا ملحوظًا خلال العقد الأخير، انعكس فى زيارات متبادلة وتنسيق مستمر فى ملفات إقليمية ودولية حساسة، وهو ما يعزز فرضية التفاهم الاستراتيجى لا الصدام.

حقيقة صفقة سوخوى 35
أما ما يثار حول صفقة مقاتلات سوخوى 35 فتشير المعطيات إلى أن تعثرها جاء لأسباب فنية وسياسية مرتبطة بالعقوبات الدولية المفروضة على روسيا والتي أثرت على تطوير بعض الأنظمة الإلكترونية والرادارية وفق المتطلبات المصرية. هذه التعقيدات كانت محل تفهم متبادل ولا يمكن تفسيرها كخلاف سياسى أو دافع للانتقام.

مصادر غير موثوقة وفبركات متكررة
تعتمد هذه المزاعم في الأساس على مصادر غير رسمية، من بينها منصات إلكترونية ومدونون اعتادوا نشر تقارير مثيرة دون توثيق بهدف جذب المتابعين وتحقيق أرباح. ولم يصدر أى تأكيد من جهات رسمية أو مؤسسات بحثية موثوقة بشأن رصد شحنات عسكرية روسية إلى إثيوبيا.

خلاصة المشهد
الحديث عن دعم روسى لإثيوبيا ضد مصر يفتقر إلى الأدلة ويتناقض مع شبكة المصالح العميقة التى تربط موسكو بالقاهرة. كما لم يتم رصد أى تحركات عسكرية روسية مؤكدة فى هذا الاتجاه ولم تعلن عنها أى جهة رسمية. وبناءً عليه تظل هذه الروايات أقرب إلى التضليل الإعلامى منها إلى الخبر القائم على الوقائع.

شاهد أيضاً

وزير دفاع فنزويلا فلاديمير بادرينو لوبيز يؤكد أن تهديدات ترامب لا تخيف الجيش الفنزويلي

وزير دفاع فنزويلا فلاديمير بادرينو لوبيز يؤكد أن تهديدات ترامب لا تخيف الجيش الفنزويلى   …

عندما يبدأ الاهتمام بالتناقص… اقرأ وداعًا صامتًا قبل النهاية

عندما يبدأ الاهتمام بالتناقص… اقرأ وداعًا صامتًا قبل النهاية كتب/ أيمن بحر لا تأتي النهايات …