أخبار عاجلة

صفات الذين ينقضون عهد الله

صفات الذين ينقضون عهد الله

كتب محمد أبو النصر

يقول تعالى :{الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27) عدّد تعالى أوصاف هؤلاء الفاسقين فقال {الذين يَنقُضُونَ عَهْدَ الله مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ} أي ينقضون ما عهده إِليهم في الكتب السماوية، من الإِيمان بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من بعد توكيده عليهم، أو ينقضون كل عهد وميثاق من الإِيمان بالله، والتصديق بالرسل، والعمل بالشرائع

وكلمة{يَنقُضُونَ} النقض: فسخ التركيب وإِفساد ما أبرمته من بناءٍ، أو حبلٍ، أو عهد قال تعالى: {وَلاَ تَكُونُواْ كالتي نَقَضَتْ غَزْلَهَا} [النحل: 92] وقال {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ} [النساء: 155] أي فبنقضهم الميثاق

وقوله {يَنقُضُونَ عَهْدَ الله} فيه (استعارة مكنية) حيث شبه العهد بالحبل، وحذف المشبه به ورمز له بشيء من لوازمه وهو النقض على سبيل الاستعارة المكنية.
و{عَهْدَ} العهد: المَوْثق الذي يعطيه الإِنسان لغيره ويقال عهد إِليه أي أوصاه و{الميثاق} العهد المؤكد باليمين وهو أبلغ من العهد.

وقوله{وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ الله بِهِ أَن يُوصَلَ} من صلة الأرحام والقرابات، واللفظ عام في كل قطيعة لا يرضاها الله كقطع الصلة بين الأنبياء، وقطع الأرحام، وترك موالاة المؤمنين

{ويفسدون في الأرض} بالمعاصي، والفتن، والمنع عن الإيمان، وإثارة الشبهات حول القرآن والسنة
{أولئك هُمُ الخاسرون} أي أولئك المذكورون، الموصوفون بتك الأوصاف القبيحة هم الخاسرون لأنهم استبدلوا الضلالة بالهدى، والعذاب بالمغفرة، فصاروا إِلى النار المؤبدة

{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بالله} استفهام للتوبيخ والإِنكار والمعنى كيف تجحدون الخالق، وتنكرون الإله القدير

وقوله {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بالله} هو من باب (الالتفات) للتوبيخ والتقريع، فقد كان الكلام بصيغة الغيبة ثم التفت فخاطبهم بصيغة الحضور، وهو ضرب من ضروب البديع.

{وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً} أي وقد كنتم في العدم نُطفاً في أصلاب الآباء وأرحام الأمهات
{فَأَحْيَاكُمْ} أي أخرجكم إِلى الدنيا
{ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} عند انقضاء الآجال
{ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} بالبعث من القبور
{ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} للحساب والجزاء يوم النشور.

ثم ذكر تعالى برهاناً على البعث فقال {هُوَ الذي خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِي الأرض جَمِيعاً} أي خلق لكم الأرض وما فيها لتنتفعوا بكل ما فيها، وتعتبروا بأن الله هو الخالق الرازق قال ابن جزي في التسهيل: وهذه الآية {خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِي الأرض جَمِيعاً ثُمَّ استوى إِلَى السمآء} تقتضي أنه خلق السماء بعد الأرض، وقوله تعالى {والأرض بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: 30] ظاهره خلاف ذلك، والجواب من وجهين: أحدهما أن الأرض خلقت قبل السماء، ودحيت بعد ذلك فلا تعارض، والآخر تكون {ثُمَّ} لترتيب الأخبار.
{ثُمَّ استوى إِلَى السمآء} أي ثم وجّه إرادته إلى السماء

وقوله {استوى} الاستواء في الأصل: الاعتدال والاستقامة يقال: استوى العود إِذا قام واعتدل، واستوى إِليه كالسهم إِذا قصده قصداً مستوياً، وقال ثعلب: الاستواء: الإِقبال على الشيء.

{فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سماوات} {فَسَوَّاهُنَّ} خلقهن وأتقنهن وقيل معناه: صيّرهن. أي قضاهن وصيّرهن سبع سماوات محكمة البناء وذلك دليل القدرة الباهرة {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} أي وهو عالم بكل ما خلق وذرأ، أفلا تعتبرون بأن القادر على خلق ذلك – وهي أعظم منكم – قادر على إعادتكم؟! بلى إنه على كل شيء قدير.
وقوله {عَلِيمٌ} من صيغ المبالغة، ومعناه الواسع العلم الذي أحاط علمه بجميع الأشياء، قال أبو حيان: وصف تعالى نفسه ب (عالم وعليم وعلام) وهذان للمبالغة، وقد أدخلت العرب الهاء لتأكيد المبالغة في (علامة) ولا يجوز وصفه به تعالى.
وللحديث بقية
#الترتيب_والتنوير_على_صفوة_التفاسير .
#محمد_أبوالنصر.

شاهد أيضاً

أهل القرآن من أهل الله

أهل القرآن من أهل الله بقلم/هاني محمد علي عبد اللطيف فأهل القرآن من أهل الله …