صرخة “ميركل” في وجه الواقع الإسلامي

صرخة “ميركل” في وجه الواقع الإسلامي

 بقلم : عماد نويجي

في زمنٍ تتسارع فيه الأحداث وتضيع فيه القيم بين المصالح والدماء، جاءت كلمات المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لتضع إصبعها على جرحٍ نازف في جسد الأمة الإسلامية. كلماتها لم تكن هجاءً، بل كانت مرآةً صادقة عكست واقعًا مؤلمًا نحاول تجاهله.

قالت ميركل: (الهند والصين لديهم أكثر من 150 رب و800 عقيدة مختلفة ويعيشون مع بعضهم بسلام، بينما المسلمون لديهم رب واحد ونبي واحد وكتاب واحد لكن تلونت شوارعهم باللون الأحمر من كثرة دمائهم، القاتل يصرخ الله أكبر والمقتول يصرخ الله أكبر).

تلك العبارة المؤلمة تختصر مأساة التشرذم والتعصب الذي أصاب الأمة الإسلامية في مقتل. أمةٌ وُصفت بأنها “خير أمة أخرجت للناس”، باتت تتقاتل تحت راياتٍ متعددة وفتاوى متضاربة، بينما يُرفع اسم الله على ألسنة المتقاتلين وكأن القتل أصبح عبادة.

وأضافت ميركل في تساؤلها الذي يحمل مرارةً وحيرة: (أتعجب كثيرًا من وجود فقراء في المجتمعات الإسلامية رغم أن مداخيل الحج تتجاوز 20 مليار دولار سنويًا، ولماذا لا تتوزع الأرباح على فقراء المسلمين).

كلماتها تفتح ملفًّا مسكوتًا عنه؛ ملف العدالة الاجتماعية في العالم الإسلامي. كيف يمكن لأمةٍ تمتلك ثرواتٍ هائلة ومقدساتٍ تجذب ملايين البشر سنويًا أن تترك أبناءها يغرقون في الفقر والجوع؟ كيف لمن يردد آيات الزكاة والإنفاق أن يتقاعس عن نصرة المحتاجين في دياره؟

وختمت ميركل حديثها بعبارةٍ مؤلمة تُدوَّن في صفحات التاريخ: (يومًا ما سنخبر أحفادنا أن المسلمين هربوا مهاجرين إلينا، بينما كانت مكة أقرب إليهم منّا).

جملة تختصر المفارقة الكبرى؛ أمة الهجرة الأولى أصبحت أمة المهاجرين، تركت أرض الرسالة بحثًا عن الأمن والكرامة في ديارٍ غير ديارها.

كلمات ميركل ليست مجرد نقدٍ سياسي، بل رسالة تنبيه إلى ضميرٍ غائب. وربما آن الأوان أن نصغي، لا لنعترض، بل لنسأل أنفسنا: كيف وصلنا إلى هذا الحد؟ وهل سنظل نرفع الشعارات ونتناسى أن الإسلام دين سلامٍ وعدلٍ ورحمة؟

قد تكون المستشارة الألمانية نطقت بما عجزنا نحن عن قوله، فصوتها ليس عدوًا، بل صدى لحقيقةٍ يجب أن توقظنا قبل أن نصبح قصة تُروى لا أكثر.