صراخ ابكم

بقلم / سلوى بونوار

الى اين ؟ والى متى ؟

جالسة عليها غبار عَفَّر وجنتين كالورد.. شعر ذهبي اشعث نسيه المشط منذ عهد..
قذفت بها يد الاقدار الى منعطف معوج مطموس..
تصلدت شفقة الايام ..
عُقم مخيف في رحم الساعات…
حرب شعواء تقطع الأمعاء.. تنظر بحسرة لعصفور يقتات حبات رغيف..
ترفع عينيها بألم بالغ..
لم تنعش شهيتها منذ كم وقت ليس باليسير.. اشتعلت نار الغيرة من ذاك المخلوق الصغير.. يرفرف بحرية في فضاء لاحصر له بعد ان ملأ معدته بخشاش البقايا..وفتات الصحون…
وهي تجلس القرفصاء على منحدر الجوع….تستند على جدار الخواء متأهبة لسخاء غير مضمون..
يُتْمٌ بلغ منها كل مبلغ..سلبت كل الحقوق…
لفظتها الحياة بعد ان أتت بها دونما صكوك…
فرضت عليها الكينونة
غصبا…وإجبار غير مسبوق..
تحمل قدميها الصغيرتين وكاهلها مثقل مسحوق…
الغاشم اضطهد الطفولة فض بكارة البراءة…ولى غير مسؤول..
بأي ذنب تنحر الصبية..!!؟؟
اجثتت من بين احضان الدفئ..
لترمى بين براثن العوز والخصاصة..
غريبة على ابواب الانتهاء…
وحيدة في عالم مليئ بالكائنات..
تُصارع الذل بكف خشن خدشته الصعاب….
خيم الليل زاد حلكة على حلكة مصيرها…
انزوت تحت شرفة تستمع لضحكات اقرانها يتسامرون ببهجة اللمة والتآزر المنشود.
بكت حرقتها….وتكومت لتَبْعث حرارة بعضها لبعضها …
غفت تحلم برغيف طازج حمرته كمقلتيها….يحمص على تنور..
كحرائق قلبها..
تحت شجرة الآمال تتلذذ بمضغ لقمة التمني..وعيش غير مجذوذ.. حلمها كسرة تغنيها عن كل مبهج تنسيها ضنك الوجود …. ترتجف بخوف تحت قصف الرعود..
استفاقت من اقصى خيالها…انكمشت اكثر واكثر….
غطت في نوم قلق …
اتاها الصبح الحاجبين معقود.. مقطب الجبين…مجهول..
نهضت لتعيد كرة رحلة البحث عن قضمة خبز حاف…..
عله ينشر بعض الامان في يومها….. ويمد لشريانها يد العون كي تستمر في التشرد والتسكع في الدروب..
هكذا تقصفت بمعاول الظلم والانتهاك….تداس تحت مطارق الطغيان ولاكف حنون..
استباحات اخترقت الخدور…نزعت الرضع من الصدور…شباب صدئ بين اقفال السجون.. وشيبة تحتضر بقسوة الضعف والثبور..
كانت يوما تضاهي النسور…
نساء يثمل بهن في سكرة الفروش…
بعنجهية ووحشية ماقبل العصور…..
وجوه ممتقعة شاحبة بين عجلات الصروف ..
تستعطف الزمن ليجود مايسد الافواه ويسكت صراخ البطون..
وئدت النخوة قتلت المروءة ….
قبرت في مقابر الأنا..ودناءة النفوس….
عزيز قوم اذلته الشظايا..
ذبل عوده والنوائب له قعود..