محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء العاشر مع الأضاحى، ومن شروط الأضحية كذلك أن تكون سالمة من العيوب المانعة من الإجزاء، ومن هذه العيوب ما ثبت في حديث البراء بن عازب رضى الله عنه أنه قال، قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصابعي أقصر من أصابعه وأناملي أقصر من أنامله، فقال”أربع لا تجوز في الأضاحي العوراء البيّن عورها، والمريضة البيّن مرضها، والعرجاء البيّن عرجها، والكسيرة التي لا تنقي” رواه النسائي،
ويُلحق بهذه الأربع ما كان به عيب أعظم من هذه العيوب فإن عدم إجزائها أولى، كالعمياء التي لا تبصر بعينها لأنها أولى بعدم الإجزاء من العوراء البين عورها، ومقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين لأنها أولى بعدم الإجزاء من العرجاء البيّن ظلعها.
وما أصابه سبب الموت كالمنخنقة، والموقوذة، والمتردية، والنطيحة، وما أكل السبع لأن هذه أولى بعدم الإجزاء من المريضة البين مرضها، والعاجزة عن المشي لعاهة وتسمى الزمنى أولى بعدم الإجزاء من العرجاء البيّن ظلعها، وغير ذلك من العيوب التي هي أشد من العيوب الأربع المذكورة،
فإذا دخل شهر ذي الحجة ونوى المسلم ذبح الأضحية فلا يأخذ من شعره ولا بشرته شيئا لحديث أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال”إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره” وفي لفظ “فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحّي” رواه مسلم، وتشرع الأضحية في يوم النحر، وهو أول أيام العيد، وأيام التشريق ثاني.
وثالث ورابع أيام العيد، وعن البراء رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم “من ذبح بعد الصلاة تم نسكه وأصاب سنة المسلمين” رواه البخاري، وعن جندب بن سفيان البجلي رضي الله عنه قال “شهدت النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر، قال “من ذبح قبل أن يصلي فليُعد مكانها أخرى، ومن لم يذبح فليذبح على اسم الله” رواه البخاري،
وعن أنس رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم “من ذبح قبل الصلاة فإنما ذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه، وأصاب سنة المسلمين” رواه مسلم، وآخر وقت ذبح الأضاحي هو غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق على القول الراجح من أقوال أهل العلم ، فيكون ذبح الأضاحي أربعة أيام يوم النحر.
وأيام التشريق الثلاثة، وإنه لا ينبغي لمسلم قادر مستطيع أن يبخل عن التقرب بذبح أضحية عن نفسه وآل بيته فإنها من شعائر الله، فقال تعالى فى سورة الحج “ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب” فإن مَن يعظم شعائر الله تعالى يسارع في تنفيذ الأوامر الشرعية استجابة مُحب راضى، فيبذل ماله في شراء أضحيته، وذبحها، ويطعم أهله وصحبه، ويتصدق منها، ويأكل ويشرب في أيام التشريق تعبدا لأنها أيام أكل وشرب، وتتعين الأضحية بالقول دون النية فقط فمن اشترى أضحية ناويا أن يضحي بها فلا يلزمه التضحية بها لكن لو قال هذه أضحية أو اشتريت هذه الشاة لأضحي بها ونحو ذلك تعينت ووجب عليه التضحية بها فلا يجوز بيعها لأنه أخرجها من ملكه لله.
إلا إذا أراد أن يشتري خيرا منها لأن الأضحية كلما كانت أفضل كانت أحب إلى الله فله أن يبيعها ليشتري خيرا منها أو أن يبدلها بخير منها فطلب الأكمل في الأضحية عبادة يثاب عليها ومما يترتب على تعيين الأضحية أنه إذا عين أضحية التطوع ثم أصابها عيب يمنع الإجزاء ابتداء كذهاب العين أو الكسر ونحو ذلك من العيوب التي تمنع الإجزاء ولم يكن مفرطا ولا متعديا ذبحها وأجزأت لأنها بعد التعيين أمانة عنده لا يضمنها إلا إذا تعدى أو فرط، وكذلك أضحية التطوع لو ضاعت أو سرقت بعد التعيين لا يلزمه بدلها إن وجدها ذبحها وإلا لا يلزمه بدلها، بخلاف الأضحية الواجبة كالمنذورة فذمته مشغولة بأضحية سالمة من العيوب فلا تبرأ ذمته إلا بذبح أضحية سليمة فإذا تعيبت أو هربت أو سرقت وجب عليه بدلها.