أخبار عاجلة

شرح كتاب “قوة الآن” الفصل الثالث ( ٣ )

تابع
د.عبدالواحد الجاسم

شرح كتاب “قوة الآن” الفصل الثالث ( ٣ )

ثالثا : المفتاح إلى دخول البعد الروحي !!

هناك عدة أمور يمكنها أن تدخلك إلى البعد الروحي ، وتكون إنسان روحاني ، يعني تدخل في الان وتعيش اللحظة فقط .

1- الامور التي تجعلك انسان روحاني عايش اللحظة ، هي ممارسة هواية تسلق الجبال ، أو ركوب الأمواج ، أو الهبوط الحر ، وغيرها من الأمور التي يسيطر الخوف من الحاله التي تمارسها وتفكر فقط باللحظة الان .

توضيح
المظلي الذي يهبط من الطائره
هذا الإنسان مستحيل يفكر بأشياء ماضية أو أشياء تحدث في المستقبل ، هذا الإنسان كل تفكيره يكون متركز حول اللحظة الحالية ، وبالتالي يدخل بعد جديد آخر يسميه المؤلف “البعد الروحي” .

2 – انت لاتحتاج أن تتسلق الجبال ، أو تركب الامواج ، أو تهبط من الطائرة حتى تعيش اللحظة ، كل ما تحتاجه هو أن تركز على الحاضر فقط ، تركز على الفعل الذي تقوم به الان ،

وإذا ماعندك فعل تركز عليه ، حاول أن تركز على تنفسك (تراقب شهيقك وزفيرك) .

3 -منذ قديم الزمان أشار المعلمون الروحانيون إلى هذا السر الذي يجعلك إنسانا روحانيا ، اقصد سر العيش في اللحظة الحاضرة ولكن مع هذا بقي أكثر الناس لا يعلمون بهذا السر الا فئة قليلة منهم .

4 – طائفة اسمها طائفة “الزن” ، تقول : ان “الآن” أو “اللحظة الحاضرة” هي غالبا تكون خالية من المشاكل ، وان المشاكل تأتي فقط عندما نحزن على الماضي أو نخاف من المستقبل .

5 -الان ، أو عيش اللحظة الحاضرة هي من التعاليم المركزية والمهمة عند المتصوفة المسلمين ، ولذلك عند الصوفية قول مأثور : ( إن الصوفي هو ابن الزمن الحاضر ) ، ويقول “جلال الدين الرومي” : ( الماضي والمستقبل يحجبان الله عن بصرنا ، احرق كلاهما بالنار ) ،
ويقول المعلم الروحاني “ديكهارت” : ( الزمن هو الذي يبعد النور من الوصول إلينا ، لا يوجد عائق عن الله أعظم من الزمن ) .

شرح كتاب “قوة الآن” الفصل الثالث ( ٤ )

رابعا : الدخول إلى الآن قوة اللحظة الحاضرة

١-العقل لايعرف حقائق الأشياء ، العقل يعرف ظواهر الأشياء فقط ، يعني عندما تنظر إلى شجرة مثلا ، مرة تنظر اليها بعقلك ، ومرة تنظر بقلبك ، اذا نظرت بعقلك لا تعرف الشجرة ، لان العقل يعرف فقط معلومات عن الشجرة وأما إذا نظرت بقلبك ، تعرف حقيقة الشجرة لأنك تكون انت والشجرة شيء واحد !!!

٢-مهمة العقل تسيير الامور الحياتية فقط ، وإذا تجاوزها إلى غيرها يكون مضر ومدمر .

٣-بعض الأحيان تكون عندك حالة من الحضور في اللحظة الحالية ، وهذا شيء جيد لكنه لايفيد لأنه مؤقت ، والمفروض تكون عندك حالة دائمة من الحضور في اللحظة الحالية .

٤-التفكير بالمستقبل دائما اما يصور لك شيء مفرح وجميل ، وأما يصور لك شيء مقلق ومخيف ، وكلا الحالتين وهميتان .

٥-باللحظة التي تدرك انت لاتعيش اللحظة ولا تركز على الحاضر ، تكون انت حاضر وعايش اللحظة فعلا ، مثل الإنسان الذي يحلم ، وبأثناء الحلم يكتشف انه يحلم ، يكون يقظ وليس حالم .

٦- عندما يجرحك شخص بكلام ، حاول أن تركز على أفكارك ومشاعرك التي سببت الكلمة الجارحة ، حينها لا تتأذى من الكلام الجارح على الإطلاق ، وافعل هذا الشيء في جميع المواقف المشابهة .

شرح كتاب “قوة الآن” الفصل الثالث ( ٥ )

خامسا : الزمن النفسي

١-هناك نوعين من الزمن :
زمن طبيعي
زمن نفسي

الزمن الطبيعي هو الزمن الذي نعتمد عليه في حياتنا اليومية ، مثل الذهاب إلى العمل ، أو تناولنا لوجبة الغداء … الخ .

الزمن النفسي فهو الزمن الوهمي الذي بسببه نحزن على الماضي ونخاف من المستقبل .

٢-تسعى الذات المزيفة إلى إلصاق نفسها دائمًا بالأفكار المَرَضية والاحتياجات المسببة لمعاناة الإنسان وألمه ، ومع اعتياد الإنسان استخدام منطق الذات المزيفة يبدأ في الاقتناع بأن الألم والمعاناة يشكلان هويته ، وهو بالطبع معتقد مغلوط وهوية مزيفة ابتعدت عن حقيقة الذات النقية الحرة للإنسان .

ارتباط الإنسان بالزمن النفسي ، أي القلق بشأن المستقبل والندم عما حدث أو ما كان يجب أن يحدث في الماضي .

٣-اغلب الناس يتصورون ان التفكير بالماضي او المستقبل ضروري جدا ، ولكن هذا التصور غير صحيح
الاهم هو الوقت الحاضر وما عدا ذلك وهم ، فالحياة كلها هي اللحظة الحالية، فهي وحدها ما يمكنها تحرير الإنسان من سيطرة عقله ، فضلا عن أنه لا يوجد “فعل” خارج اللحظة الحالية ، فهل صادفت يوما ما شيئا يحدث في المستقبل أو يحدث في الماضي ، بالطبع لا فالحقيقة هي أن أي فعل يحدث “الآن” ، لذا فاللحظة الحالية هي كل ما نملكه في حياتنا .

٤-ما يدفعنا بعيدًا عن اللحظة الحالية هي الذات المزيفة لأنها لا تجد لنفسها وجودا وتعريفا وكيانا إلا في الماضي والمستقبل ، وتشعر الذات المزيفة بأن اللحظة الحالية تعتبر أكبر تهديد لوجودها ، لذا فإن الوعي بالذات الحقيقية أو الروح هو ما يعيدنا مرة أخرى للحضور في اللحظة الحالية ، لأن الروح خالدة لا تعترف بالوقت او الزمن النفسي .

كيف نحقق حضور الذات الحقيقية ؟

ولتحقيق حضور الذات الحقيقية ينبغي وضع الذات الحقيقية في موقف المراقب على الجسد وما يعتريه من مشاعر ، وعلى العقل وما يدور به من أفكار .

هناك تمرين معين نستطيع من خلاله تحقيق الحضور وعيش اللحظة الحالية والابتعاد عن التفكير بالماضي أو المستقبل
يمكن تحقيق الحضور بمراقبة حركة التنفس ، واستشعار الهواء الداخل والخارج من وإلى الرئتين ، والإحساس بالطاقة تنساب إلى كل عضو من أعضاء الجسد ، واستشعار الحياة التي تنبض داخل كل خلية .

لازم نميز بين الزمن الطبيعي والزمن النفسي ، فالزمن الطبيعي المحسوب بالساعات والدقائق لا يمكن إغفاله ، لأنه يحدد بداية ونهاية أنشطتنا ، لكننا هنا نتحدث عن أهمية تجنب الدخول في دوامة الزمن النفسي ، الذي معناه كما ذكرنا سابقًا ، الانشغال والقلق بما سيحدث في المستقبل وما حدث في الماضي ، وهذا لا يعني ألا نخطط للمستقبل ، بل يمكنك وضع الخطط كما تشاء لكن انتبه إلى أن فعل التخطيط ذاته يحدث في اللحظة الحالية ، فلا تسمح لعقلك بأن تأخذه الأحلام بعيدا عن “الآن .

٥-الغرق في دوامة الزمن النفسي يخلق مشاعر سلبية ومعاناة للانسان ، فالانشغال بالمستقبل والماضي تقابلة ردة فعل من قبل الجسد تظهر في أشكال متعددة ، مثل عدم الارتياح والغضب والتوتر والقلق والمزاج السيئ .

٦-يؤكد المؤلف استحالة اجتماع شعور الإنسان بالتعاسة والوعي باللحظة الحالية في وقت واحد ، يعني مستحيل تكون واعي وحاضر ومنتبه للحظة الحالية وبنفس الوقت تعيس وضايج ، المعاناة والتعاسة تأتي دائما بسبب الانشغال بهموم الماضي أو المستقبل .

للوصول إلى السعادة التي يحققها الاتصال بالروح أو الذات الحقيقية ، اسأل نفسك هذا السؤال (هل ما تفعله الآن يشعرك بالارتياح والسعادة ؟) ، إن كانت الإجابة بالنفي فهذا لأنك تقاوم اللحظة الحالية ، فليس دائما يكون المطلوب منك تغيير ما تفعله ، ربما يكون كل ما تحتاجه أن تعطي أهمية أكثر لما تفعله أن توجّه انتباهك وانشغالك بالفعل وليس بالنتيجة التي تنتظرها ، ستشعر وقتها بمتعة ما تفعله لأنه لا يمكنك أن تعطي كل انتباهك لشيء ما وفي نفس الوقت تقاومه وترفضه .

توضيح

لا تنتظر نهاية دوام عملك
لا تنتظر نهاية الدراسة
لا تنتظر حصولك على وظيفة أحلامك
لاتنتظر العطلة الأسبوعية
لا تنتظر شخص يعيد إليك البسمة والاطمئنان
بل اشغل نفسك في “اللحظة الحالية” بصب اهتمامك وانتباهك بالكامل على ما تفعله الان ، افعل كل ما يوصلك إلى أهدافك فلا مانع مطلقا من السعي نحو أهداف مستقبلية، لكن اسع لها بفعلك “الآن” وليس بذلك الانتظار الممل المقاوم والرافض للواقع .

يتبع ان شاء الله

شاهد أيضاً

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد حوار: د.هناء الصاحب …