أخبار عاجلة

سيصبح لنومك حزن أبدي

جاسم العبيدي
في يوم مشطوب من تأريخك
سيصبح لنومك حزن أبدي
أراك بعيون مليئة بالدموع عيون لا قصة فيها للفرح
تسبح ببصرك نحو الأرض كما لو كانت لا تتسع لوجودك
أنت أيها المليء بالوحشة، الخارج من براكين التعب والقهر والجوع ،مرميا كخرقة بالية على الطريق .ليس ذنبك أنك كنت مؤهلا للحزن حين آفترشت الأرض ملتصقا بجدار بيت من البيوت المطلية بالفرح متيبسا تيبس أعوام مرت لتقترض منك قوتك وعنفوان جسدك وتركتك بوجه معتق على حيطان السكون .ليس ذنب ثيابك البالية وهي تنام بين قبضة يديك لتجعل من جسدك كومة لحم وعظام متيبسة ،حافي القدمين تأكل أصابعهما من تراب الأرض لتجعلك تتمرد على ظلك البائس
ها قد آبتدأ جرحك بليغا .فبين الصمت والدموع خطوات من الأقدام المتهالكة السائرة بوجوه جاحظة عيونها راكدة كقطرات مطر على صفيحة ثلج .
هاهو جسدك النحيل المتهالك ينسكب صراخه من بين أضلاع تيبست من حرارة زفير هواء نفقته أقدام المارة العابثة
حتى لم يبق من الوقت قطارا يمضي بك وأنت تعرى على رصيف مليء بالقذارة على أرض وجع إستقر على ثيابك البالية وأعضاء جسدك المتهشم.
هاهي دموعك تسألني، تنمو فوق الأرض أ عشابا سوداء توقظها أصوات أقدام المارة وأبواق السيارات وأضوائها المشتعلة
لا أدري لماذا لا تعير بالاً لكل العابرين وحين تضيق بك الأرض تنفث من جوفك ما أكلته من فتات الموائد .
وهاهي الأيام تركض بك بشعر أبيض أشعث ولحية كثة مليئة بالوسخ والوجع في آن واحد.
ونحن الراكضون على شفا حفرة من الوجع في أرض لم تكتمل مروءتها باحتضان أمثالك.
ماذا يصنع بك هذا الزمن المستوحش وهل يقول الناس عنك أنّك مجنون، لا تملك سوى جسد مكبل بالهم ملبد بالتعب هذا الذي نشربه كل حين !
ماذا أزملك لك غير الحسرة والندم ؟
غير العزاء الذي يكمن بين القلب والروح؟
وكيف سأحدث الأجيال الآتية من بعدك وأنت تشرب في هذا العمر الألم مخلوطاً بالندم معفرا بالكرامة البائسة .
الآن سأمسح رائحة الوطن عن ثيابك المهلهلة وعن تراب أقدامك الحافية فأنت ستبقى ألما يلازمني تتيبس ملامحه فوق أحلامي بالقرب من ظلك الذي ينعكس على الأرض الجرداء.
حسنا سأدفن أحلامي على وسادة أحلامك وأنفض ظلي على كدمات أقدامك علني أجد في وجعي ملامح وجه جثم على أرض السواد بكابوس أسود.
هكذا سأطرد وحشتي وأدفن ماتبقى من حسرتي على ملامحك
فحزني لن ينتهي وأنا أرتب بقايا صوتي على أريكة تلم جسدي فدفء الوسادة الذي منحتني الحياة إيّاه سينطفيء تحت بساط وجعك وحرارة الجو التي لن تستطيع إطفاؤها قنينة الماء التي خلفتها خلفك .
متى ترتق أيامك وأنت ترى بعينيك الذابلتين أولئك الذين يمرون عليك بسياراتهم رباعية الدفع وهم يشيرون إليك بأيديهم ويديرون وجوههم تجاه الأشجار المورقة في الأرصفة وهم ينعمون ببرودة سياراتهم المظللة بعيدا عن أعين العابرين
ياحسرة على الخلق مايمر بهم من أمثالك إلا كانوا بهم يستهزؤون!!

شاهد أيضاً

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد حوار: د.هناء الصاحب …