سيدةُ البحرِ
بقلمي أنور مغنية
أَبحِري سيدتي
أَبحِري نحوَ الأُفُقِ
وخُذي القلبَ بَوصَلَةً
إذا ما أتعَبَكِ الرُجوعُ
كما البُعدُ أتعبَني
قِفِي عارِيَةً أمامَ البحرِ
واقرئي في الموجِ كُلَّ الإتجاهاتِ
ضُمِّيني إلى صدرِكِ كَيَدَيكِ
سُدِّي كلَّ مسَاماتي
واغلقي جراحي النَّازفة
أيَتُها المبتورةَ الرَّحِم
أيتها المقهورةَ ظُلماً
أشعلي نارَكِ من حنيني واشتَعِلي
وعَلمِيني كيفَ تنامُ العيونُ النَّاعِسَة
يا سيدةَ البَحرِ
إنِّي تِهتُ ما بينَ شوقي وحنيني
يدي نامَ الحُزنُ عليها
وألمي ما زالَ لا يَجِفُّ
وجعُ الماضي يُطارِدُني
فأهربُ إلى منافذٍ أخرى
أصادفُ نوافِذاً وأبواباً لا تُعَدُّ
كلُّ الأبوابَ موصَدَةً في وجهي
سَدٌّ يليهِ سَدُّ
يا سيدةَ البحرِ
إنَّ الطُرُقَ أليكِ مجهولةٌ
والحزنُ يتكاثَرُ عليها
كالبحرِ مَدٌّ يَعقِبُهُ مَدُّ
وعُيونُكِ تَفَتَّحَت
في الليلِ كالأقاحي
كالنجومِ تلألأَت و برَزَت
كزبدِ البحرِ تحتَ ضوءِ القَمرِ
والليلُ يُظهرُ مفاتِنَكِ
كضِدٍّ أضهَرَ حُسنَهُ الضِدُّ
تنامُ حافيةً بين أصابِعَي
تُضيءُ كالصُّبحِ
تمتَدُّ إليَّ وأمتدُّ
تكتبُ رسائلَها على مرجانِ البحرِ
رسائلاً مِنَ الصَّمتِ الذي
تاهَ مع البحرِ وَعداً
إنَّ وَعدَ البحرِ وعدُ
يا سيدةَ البحرِ
أنا وجَعٌ ويَمتَدُّ
ولا جِهَةٌ ولا حَدُّ
الرؤى والأحلامُ بيننا
ودَمعاً أُكفكِفُ لا يُحصى ولا يُعَدُ
كأنِّي جِئتُ مِن قَلَقٍ
وبالطوفانِ أَحتَدُّ
أعودُ إليَّ ثانيةً
ولكنني لم أعُد بَعدُ
قد كان للشكوى مواجِعَها
شَتَّان أكانَ الهَزلُ أو الجَدُّ
أنور مغنية 14 12 2021